‏إظهار الرسائل ذات التسميات عقيدة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات عقيدة. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 7 أبريل 2013

أهمية الدين فى حياة الإنسان







من كتاب ( الحرية الدينية و التعددية فى نظر الإسلام )


للشيخ العلامه الدكتور / يوسف القرضاوى


لقد أتفق معظم العقلاء من البشر على أن الدين روح الوجود الإنسانى و أن الإنسان من غير دين أشبه بالسارى فى الليل بلا مصباح و لا دليل يهديه .


فالدين – من الناحية العقلية – هو الذى يحل ألغاز الوجود و هو الذى يجيب عن أسئلة الإنسان الكبرى و الخالدة التى صاحبته و أقلقته منذ بدأ يفكر فى نفسه و فى العالم من حوله , من أين ؟ و إلى أين ؟ و لم ؟ أعنى : السؤال عن البدأ و عن المصير و عن الغاية ؟ .

و الدين – من الناحية النفسية – هو نداء الفطرة كما قال تعالى ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون ) ( سورة الروم الآية 30 ) . هذه الفطرة التى جبلت على الايمان بإله عظيم تتجه إليه القلوب و الخوف , و الخضوع و الحب . . . . هذا هو الإيمان الذى يشبع جوع الفطرة ، و يروى ظمأها ، و يملأ فراغها 
و لهذا كان الملحدون – المنكرون لوجود الله – قلة لا وزن لهم على مدار التاريخ ، و إنما كان الشرك هو الأفة التى أصابت البشرية من قديم ، و لهذا بعث الله رسله للدعوة إلى التوحيد و محاربة الشرك ، لا لمحاربة الإلحاد .
و كان كثير من إلحاد الملحدين : إلحاد بطن و فرج ، لا إلحاد عقل و فكر أى أنهم تحللوا و أتبعوا الشهوات فأرادو أن يبرروا انحلالهم ؛ فأنكروا وجود الإله الذى يلزمهم باجتناب المحرمات و عمل الصالحات و يحاسبهم على ما فعلوا و يجزيهم ثوابا أو عقابا . 
الإيمان الدينى فطرة عامه فى البشر ، و الإلحاد هو الشذوذ الذى يثبت القاعده ، حتى قال أحد ملاحدة العرب المعروفين فى عصرنا ( و هو عبد الله القصيمى فى كتابه " أيها العقل من رآك " ) : لا تصدقونى إذا كتبت أو قلت : إنى ملحد ، فالحقائق الكبيرة لا تبطلها الألفاظ ، إن إيمانى يساوى وجودى ، أنا مؤمن ، إذن أنا موجود .
و ذكر الأديب المعروف الأستاذ أحمد أمين فى بعض ما كتبه : أن أحد المصريين سافر إلى أروبا ثم عاد إلى قريته ، فقال للناس : أنا ملحد ! فقالوا له : لا نصدق أنك ملحد . فقال : أقسم بالله العظيم : إنى ملحد !!

و الدين – من الناحية الأخلاقية - ضرورى للإنسان ، فهو الذى يمنحه الحوافز التى تدفعه الى الخير ، و إن لم يكن من ورائه نفع مادى أو شخصى عاجل له ، فهو يفعل الخير لإرضاء ربه ، و تحصيل مثوبته ، و دخول جنته . 
كما أن الدين يمنحه الروادع التى تردع الإنسان عن أقتراف الشر و الرذيلة ، و ارتكاب الجريمة بأنواعها ، خشية حساب الله تعالى ، و عقابه فى الدنيا و الآخرة ، و رجاء فى ثوابه فى الدارين أيضا .

و الدين – من الناحية الاجتماعية – يقيم أوثق الروابط بين الإنسان و أخيه الإنسان ، بحيث يتجاوز الدم و اللون و اللغة و الإقليم و الطبقة ، و يجعل الناس إخوة بعضهم لبعض ، و يجعل لأخيه ما يحب لنفسه ، بل يؤثر أخاه نفسه

السبت، 6 أبريل 2013

إسلامية لا وهابية


الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله ، ورضي الله عن صحابته الكرام ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بفضلك اللهم . 
وبعـــد :
فقد ثبت في الخبر الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :  لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين ، على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، حتى يأتي وعد الله وهم كذلك  وبين أنهم يقاتل آخرهم الدجال  وينزل فيهم عيسى ابن مريم - عليه السلام - عند قيام الساعة .
وعلم يقينا أن هذه الطائفة هم من كان على منهاج النبوة ، فعمل بالسنة ولزم الجماعة وسار على نهج السلف الصالح ، وأن هذه الطائفة ( أهل السنة والجماعة ) لا يحصرهم زمان ولا مكان ، لكنهم قد يكثرون في زمان ويقلون في آخر ، وقد يكثرون في مكان ويقلون في آخر كذلك .
والمتأمل لحال المسلمين في القرون الأخيرة يجد أن أبرز أنموذج لهذه المسيرة الخيرة هي تلكم الدعوة الإصلاحية المباركة ، ودعوة التوحيد والسنة ، التي قام بها الإمام المجدد ( محمد بن عبد الوهاب ت 1206هـ ) ، وأيدها الأمير الصالح ( محمد بن سعود ت 1179هـ ) ( رحمهما الله ) التي ظهرت في منتصف القرن الثاني عشر الهجري في قلب نجد ، ثم سائر جزيرة العرب ، ثم امتدت آثارها الطيبة إلى كل أقطار العالم الإسلامي ، بل إلى كل أرجاء المعمورة . ولا تزال بحمد الله كذلك .
وقد لوحظ ، لا سيما مع الأحداث الأخيرة ، حروب الخليج ، وسقوط الاتحاد السوفييتي وأحداث ( 11 سبتمبر ) بأمريكا وما أعقبه من تداعيات ، لوحظ بصورة ملفتة ومريبة انبعاث كثير من المفتريات والأوهام والأساطير حول ما يسمونه : ( الوهابية ) .
 - ص 6 - وشاعت هذه المفتريات وهذه الأكاذيب حول الدعوة وأتباعها وعلمائها ودولتها ( الدولة السعودية ) ، وأسهم في ترويجها الحاسدون والمناوئون والكائدون وربما صدقها الجاهلون بحقائق الأمور .
وإن الباحث في حقيقة هذه الدعوة ومفتريات خصومها ، وتحفظات بعض ناقديها ، والكم الهائل مما قيل في ذلك وكتب ، وما حشي في أذهان الناس تجاهها من تنفير وتضليل ؛ سيصاب بالذهول والحيرة - لأول وهلة .
لكن ما إن يلج المنصف في عمق القضية فسيجد الأمر أيسر وأبين مما يتصوره ، وحين يتجرد من الهوى والعصبية ستنكشف لـه الحقيقة ، وهي : أن هذه الدعوة الإصلاحية الكبرى ، إنما تمثل الإسلام الحق ، ومنهاج النبوة ، وسبيل المؤمنين والسلف الصالح في الجملة .
كما سيظهر لـه جليا أن ما يثار حولها وضدها من الشبهات ، إنما هو من قبيل الشائعات والمفتريات ، والأوهام والخيالات ، والبهتان . ومن الزبد الذي يذهب جفاء عند التحاكم إلى القرآن والسنة ، والأصول العلمية المعتبرة ، والنظر العقلي السليم .
وما أظن حركة من الحركات الإصلاحية واجهت من التحديات ، والظلم والبهتان ، كما واجهت هذه الدعوة ، ومع ذلك علت وانتصرت وآتت ثمارها الطيبة ( ولا تزال بحمد الله ) في كل مكان .
وما ذلك إلا لأنها قامت على ثوابت الدين الحق ( الإسلام ) لكن هذه الحقيقة خفيت على كثير من الناس ، فكان لا بد من تجليتها .
لذا فقد لزم الإسهام - في هذا المؤلف -  في تجلية الحقيقة ، ورفع الظلم ، ودفع الباطل ورد المفتريات والمزاعم ، بالحجة والبرهان ، واستجلاء الحقيقة من خلال الواقع وشهادة المنصفين .
فإنه من الحقائق الثابتة الجلية أن هذه الدعوة الإصلاحية إنما هي امتداد للمنهج الذي كان عليه السلف الصالح أهل السنة والجماعة على امتداد التاريخ الإسلامي ، وهو منهج الإسلام الحق الذي كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام والتابعون وأئمة الدين من الأئمة الأربعة ونحوهم من أهل الحديث والفقه وغيرهم .
 - ص 7 - إذن فهذه الحركة المباركة لم تكن إلا معبرة عن الإسلام نفسه ، مستهدفة إحياء ما اعترى تطبيقه من قبل كثير من المسلمين من غشاوة وجهل وإعراض وبدع .
وحيث قد اشتهرت عند غير أهلها ، وعند الجاهلين بحقيقتها باسم ( الوهابية ) فإن هذا الوصف انطلق أولا من الخصوم ، وكانوا يطلقونه على سبيل التنفير واللمز والتعيير ، ويزعمون أنه مذهب مبتدع في الإسلام ، أو مذهب خامس . وهذا ظلم .
فهي ليست سوى الإسلام والسنة كما جاء بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وسار عليها السلف الصالح .
ولم يكن استعمال هذا الوصف مرضيا ولا شائعا عند أتباعها ، ومع ذلك صار لقب ( الوهابية ) وتسمية الدعوة الإصلاحية السلفية الحديثة به هو السائد لدى الكثيرين من الخصوم وبعض الأتباع والمؤيدين والمحايدين ( تنزلا ) .
بل تعدى الأمر إلى التوسع في إطلاق ( الوهابية ) على أشخاص وحركات منحرفة عن المنهج السليم ، وتخالف ما عليه السلف الصالح وما قامت عليه هذه الدعوة المباركة ، وهذا بسبب تراكمات الأكاذيب والأساطير التي نسجت حول الدعوة وأهلها بالباطل والبهتان .
إن أتباع هذه الحركة لا يرون صواب هذه التسمية ( الوهابية ) ولا ما انطوت عليه من مغالطات وأوهام ، لاعتبارات مقنعة كثيرة شرعية وعلمية ومنهجية وموضوعية وواقعية ، تتلخص فيما أشرت إليه من أنها تمثل تماما الإسلام الحق الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سلك سبيل الهدى ، وإذن فحصره تحت مسمى غير الإسلام والسنة خطأ فادح وبدعة محدثة ومردودة .
كما ذكرت أن هذه الدعوة وأتباعها ودولتها ( الدولة السعودية في مراحلها الثلاث ) قد واجهت ، ولا تزال تواجه ، تحديات كبرى كلها ترتكز على المفتريات والاتهامات ، والشائعات والأكاذيب والأساطير التي لا تصمد أمام البحث الشرعي العلمي الأصيل والمتجرد .
وإن كان الناقدون قد يجدون في تجاوزات بعض المنتسبين للدعوة ما يتذرعون به في نقدها ، لكن عند التحقيق تزول هذه التهم .
إذ إن الناظر في المفردات الجزئية لكل دعوة أو مبدأ ، قد يجد فيها الكثير من الأخطاء والتجاوزات والتصرفات الشاذة والأقوال النادة والأحكام الخاطئة ، أو الأمور المشكلة والمشتبهة التي تحتاج إلى تثبت أو تفسير أو تدقيق أو استقراء للوصول إلى حكم علمي تطمئن إليه النفس .
 - ص 8 - لكن أهل العلم وعقلاء الناس لديهم موازين علمية وعقلية وقواعد شرعية يزنون بها الأمور . 


ودعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب تخضع لهذه القاعدة ، إذ هي دعوة إسلامية محضة وسلفية خالصة ، تسير على منهج السلف الصالح ، فمرد الخلاف بينها وبين مخالفيها : الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، وقد بينت أن ما يتهمها به خصومها من الاتهامات على ثلاثة أنواع :
النـوع الأول : من الكذب الصريح والافتراء والبهتان ، وقد ورد ذكر كثير منه في هذا البحث .
النـوع الثاني : مما يكون من اللوازم غير اللازمة ، أو التلبيس ، أو التفسير الخاطئ ، ونحو ذلك مما يلتبس فيه الحق بالباطل ويجب رده إلى النصوص والأصول الشرعية والقواعد المعتبرة عند العقلاء ، والمنهج الذي عليه الدعوة .
النوع الثالث : أخطاء وتجاوزات وزلات ليست على المنهج الذي عليه الدعوة ، أو اجتهادات خاطئة أو مرجوحة ، وقد تصدر من أي من العلماء أو الولاة أو العامة ، والمنتسبين للدعوة . وكثير من الشبهات والاتهامات التي يتعلق بها الخصوم للطعن في الإمام وأتباعه ودعوته من هذا النوع .
وقد عرضت هذا المنهج بشيء من التفصيل في هذا البحث ليكون القاعدة والميزان في تقويم الدعوة ، وبيان مدى الظلم والإجحاف الحاصل لها ولأهلها في الاتهامات التي قيلت وذاعت عند الكثيرين ، بل ومدى البهتان والكذب من قبل بعض الخصوم الذين ظلموا هذه الدعوة ، أو ممن صدقوهم دون تثبت ولا نظر في المنهج والأصول التي عليها المعول في النقد والتقويم ، ودون اعتبار للحال والواقع الذي تعيشه الدعوة وأهلها .
وقد واجهت دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب - كسائر الدعوات الإصلاحية - صورا عديدة من هذا الابتلاء والمواجهة والحرب الظالمة بجميع أنواعها من خصومها ، وما هذا الصراع إلا حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل إلى قيام الساعة .
كما أن الصراع بين الدعوة وبين خصومها إنما كان صراعا عقديا بالدرجة الأولى ، ومظاهر الصراع السياسي وغيره جاءت تباعا ؛ لأن الدعوة أعلنت نشر التوحيد والسنة ، ومحاربة الشركيات والبدع السائدة ، وأعلنت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود ، وتحقيق العدل ورفع الظلم ، والعمل بشرع الله في أمور الحياة ونشر العلم ، ومحاربة الجهل  - ص 9 - والدجل والسحر .
وهذا يتصادم مع مصالح أهل الأهواء والمنتفعين من شيوع البدع والجهل والتخلف .
هذه هي الحقيقة ولا شك .
وكل رسائل الدعوة وكتبها وأعمالها وتعاملاتها تدور على هذا الأصل : العودة للإسلام والسنة ، كما هي في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وسيرة السلف الصالح ، نقية صافية من شوائب الشركيات والبدع والأهواء والجهالات والطرق والفرق ، والدجل .
وهذا منبع الخلاف ومنشأ الصراع .
نعم ، لقد واجهت هذه الدعوة المباركة : إمامها وعلماؤها وقادتها ودولتها ، وأتباعها وأنصارها ومؤيدوها حيثما كانوا - ولا تزال تواجه - أصنافا من الخصوم ، وأنواعا من التحديات والمفتريات والدعايات المضادة والخصومات بالباطل .
فهي إذن - كأي دعوة وحركة إصلاحية جادة - قد اصطدمت بقوى وتحديات وعقبات كبرى ومكائد عظيمة ، وخصوم أقوياء ، وأعداء أشداء من ديانات وفرق ومذاهب ، ودول وجماعات ، وعلماء ورؤساء وأمراء ، بل وغوغاء وجهلة .
ومع ذلك كله كانت هذه الدعوة - حين قامت على الحق والعدل - تنتصر وتنتشر ، فقد قاوم إمامها وعلماؤها وأتباعها وأمراؤها كل هذه التحديات ، بقوة الإيمان واليقين والعلم والحلم ، والصبر والثبات .
وإن الواقع ليشهد أن هذه الدعوة - رغم التحديات الكبيرة - كانت تظهر وتعلو وتؤتي ثمارها الطيبة حتى في فترات ضعف السلطة ، بل وفي البلاد التي لا توجد فيها لها سلطان ولا قوة حين لا تملك إلا قوة الحجة ، وما ذلك إلا لأنها تمثل الإسلام الحق الذي كتب الله لـه البقاء والظهور إلى قيام الساعة ؛ ولأنها تملك عوامل البقاء والثبات ومقومات القوة والنصر ؛ ولأنها تستمد القوة من نصرها لدين الله دين الحق والعدل ، ومن وعد الله تعالى لكل من نصر هذا الدين كما قال تعالى : ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز  [سورة الحج ، من الآية : 40] .
ولأنها كانت تخاطب العقول السليمة والفطرة المستقيمة ، والقلوب الواعية المتجردة من الهوى .
إن من أقوى الوسائل لفصل النزاع بين المختلفين بعد التحاكم إلى الأصول الشرعية  - ص 10 - والبراهين العقلية : شهادات الآخرين ، وقد شهد لهذه الدعوة المباركة ، وإمامها وعلمائها ودولتها وأتباعها كثيرون من أهل العلم والفكر والفضل والإنصاف ، من العلماء والأدباء والمفكرين والساسة والدعاة ، وغيرهم .
من المؤيدين ، والمعارضين ، والمحايدين ، من المسلمين وغير المسلمين ، ومن كل بلاد العالم ومنذ نشأة الدعوة إلى يومنا هذا .
وإن كل الذين شهدوا لهذه الدعوة وإمامها وعلمائها ودولتها وأتباعها ، كانوا يستندون في شهادتهم لها إلى البراهين والدلائل القاطعة التي لا يمكن أن يتجاوزها المنصف إلا معترفا بها ، ولا ينكرها إلا مكابر .
فإن فيما قاله أهلها وكتبوه وفعلوه ، وفي آثار هذه الدعوة الدينية والدنيوية العلمية والعملية ، في العقيدة ، والنظام والسياسية ، وسائر مناحي الحياة ومناشطها ، ما يشهد بالحق ويدحض الشبهات والمزاعم والتخرصات والاتهامات .
علما بأن الدعوة ودولتها كانت في مراحلها الأولى لا تملك من وسائل الدعاية والإغراء المادي ما يملكه خصومها كالأتراك وأمراء الأحساء ، وأشراف مكة والبلاد المجاورة ، وغير المجاورة .
ولو اقتصرنا في الدفاع عن الدعوة ودولتها على أقوال المحايدين وكثير من الخصوم في إنصافها والدفاع عنها لكان ذلك كافيا في بيان الحقيقة ورد الشبهات ، وإقناع من كان قصده الحق والتجرد من الهوى .
أما من كان دافعه الهوى والحسد أو العصبية أو المذهبية أو نحو ذلك من الدوافع الصارفة عن الحق فلا حيلة فيه ، كما قال الله تعالى في هذه الأصناف وأمثالهم من أسلافهم :  وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين  [سورة الأنعام ، الآية : 4 ] .
فإذا كانت أحوال الدعوة ، وأقوالها ومؤلفاتها ، ومواقفها ، وشهادات عقلاء الناس تشهد لها فهل بعد هذا البيان من بيان ؟
والشهادات التي شهد بها كثيرون لهذه الدعوة المباركة كانت صادقة وطوعية ، ونابعة من الضمير ، فلم تكن نتيجة إغراءات ولا تضليل إعلامي ، ولا ضغط سياسي ، ولا تهديد ووعيد ( لا رغبة ولا رهبة ) ؛ لأن أتباع الدعوة ورجالها لم يكونوا يملكون شيئا من ذلك ، إلا الحجة والبرهان ( الدليل الشرعي والعقلي ) لكل من ألقى السمع وهو شهيد . ولذلك جاءت  - ص 11 - شهادة المنصفين مفعمة بالصدق والشفافية والحماس البريء ، وخالية من أساليب المجاملات وأي من أشكال التكلف أو دوافع الرغبة أو الرهبة .
وكانوا يستندون إلى المنهج الذي قامت عليه وإلى الواقع الذي تعيشه في مجتمعها ، لا سيما من البلاد التي تشملها الدولة السعودية المعاصرة ، التي تميزت بحمد الله بصفاء العقيدة وظهور شعائر الدين ، واختفاء البدع ومظاهرها .
- وأنها حققت الغايات التي جاء بها الإسلام : من تعبيد الناس لله وحده لا شريك لـه ، وطاعة الله ، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وإقامة فرائض الدين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد ، وتطبيق الحدود ، وتحكيم الشريعة الإسلامية في كل شؤون الحياة ، وابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة .
- وأنها رفعت المظالم والمكوس ، والضرائب التي تثقل كواهل الناس ، وسعت إلى تحقيق العدل والأمن ، بالتحاكم إلى شرع الله ، وتطبيق نظام القضاء بمقتضى الشريعة الإلهية .
- وأنها حررت العقول والنفوس من التعلق بغير الله ، من التعلق بالبدع والأوهام ، والدجل والشعوذة ونحو ذلك .
- وأنها هي الرائد الأول في أسباب النهضة العلمية والفكرية والأدبية الحديثة في جزيرة العرب وما حولها ، وسائر البلاد العربية والإسلامية .
- وأنها تمثل الأنموذج الأسلم لحركات الإصلاح والتحرير الحديثة في العالم الإسلامي ، وأنها تمثل الأنموذج الصحيح في الدعوة ، في العصر الحديث في تحقيق الدين ، وإصلاح الأفراد والمجتمعات ، وتخليص الأمة من البدع والأهواء والفرقة ووسائلها ، والتقليد والعصبية ، والتزام منهج السلف الصالح في الدعوة ووسائله وأهدافه وغاياته .
- كما رأى كثير منهم بأن هذه الدعوة بأصولها ومناهجها وتجاربها هي المؤهلة بأن تنهض بالأمة الإسلامية اليوم ، وتعيدها إلى سابق مجدها ، وتجمع شملها على الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح .
- وأوضحت أن من أكبر الردود على المفترين على هذه الدعوة وأتباعها ودولتها تلكم الثمار الطيبة والآثار الحسنة للدعوة حين قامت على أسس الدين الحق ، وقواعد الملة الحنيفية واعتمدت على الوحي المعصوم ( كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ) وسلكت سبيل المؤمنين - السلف الصالح أهل السنة والجماعة - فأعلنت راية التوحيد ورسخته في القلوب وأزالت مظاهر الشرك والبدعة ، وحكمت بشرع الله تعالى : شاع بذلك الأمن والعدل والألفة ، وانتشر العلم ، واختفت  - ص 12 - مظاهر الظلم والشتات والجهل والبدعة والخرافة .
- لقد كانت لهذه الدعوة المباركة آثار عظيمة وكبيرة غيرت معالم التاريخ ، وعدلت مسار الحياة في الأمة الإسلامية كلها في جميع نواحي الحياة : الدينية والعلمية والسياسية والاجتماعية وغيرها .
ولم يقتصر أثرها الطيب على جزيرة العرب ( ونجد بخاصة ) ، التي ارتفعت في ربوعها راية التوحيد خفاقة وعلت فيها معالم السنة ، وزالت آثار البدعة والفرقة والجهل ، وساد فيها الأمن والوفاق .
بل تجاوز أثرها إلى بقية أقاليم الجزيرة العربية وإلى سائر أقطار المسلمين ، فقام علماء ومصلحون ، وقامت دعوات وحركات تسير على نهج هذه الدعوة السلفية النقية الصافية ، في الحجاز وعسير واليمن والشام والعراق ومصر ، والمغرب والسودان وكثير من البلاد الأفريقية ، وفي باكستان وأفغانستان ، والهند البنغال وجاوه ، وسومطرة ، وسائر الجزر الإندونيسية وغيرها .
وكان من أبرز ثمار هذه الدعوة قيام دولة إسلامية قوية مهيبة احتلت موقعا مرموقا بين دول العالم كله ، والعالم الإسلامي بخاصة هي ( دولة آل سعود ) منذ أن ناصر مؤسسها محمد بن سعود إمام الدعوة وآزره على إعلاء كلمة الله . فقد كتب الله لها التمكين ، وأعلنت التوحيد وحكمت بشرع الله تعالى ، ومع ما تعرضت لـه هذه الدعوة والدولة من تحديات كبيرة ، وخصوم أشداء إلا أنها كانت تنتصر في النهاية .
لقد تعرضت الدعوة والدولة ( السعودية ) في مراحلها الأولى لضربات موجعة لكنها كانت - حين قامت على التوحيد والدين والعدل والسنة - لا تلبث أن تنهض قوية فتية لأنها كانت تسكن القلوب ، وقد ذاق الناس في حكمها طعم الإيمان ، والأمن ، والعلم والاجتماع .
ولا يزال الأنموذج الحي للدعوة ودولتها قائما - بحمد الله - تحتله هذه البلاد المباركة ( المملكة العربية السعودية ) التي أرسى قواعدها الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - على الأسس المتينة : التوحيد والشرع والعلم ، وبناء دولة حديثة ، تجمع بين الأصالة في تحكيم شرع الله وحمايته والدعوة إليه وتعظيم شعائره وخدمة مشاعره ، وبين المعاصرة بالأخذ بأسباب القوة والنهضة والرقي ، من غير إخلال بالدين والفضيلة .
ونسأل الله لهذه الدعوة وهذه الدولة المزيد من التمكين والنصر والتوفيق في سبيل  - ص 13 - الإسلام ، وأن يجمع بها كلمة المسلمين على الحق والسنة .
إن هذه الآثار الطيبة والثمار اليانعة الممتدة طيلة قرنين ونصف ، هي الرد العملي والعلمي ، الشرعي والمنطقي ، والواقعي على مفتريات الخصوم ، ففي الحال ما يغني عن المقال ، لكن حين عميت أبصار أهل الأهواء وبصائرهم عن إدراك الحقيقة والاعتراف بها ، وحين حجبت الحقائق عن الجاهلين كان لا بد من تجلية الحقيقة ، والله المستعان .
ولا يزال كثيرون من الذين يجهلون الحقيقة عن المملكة أو يتجاهلونها ، أو الذين يلمزونها أو يحسدونها يصفونها بأنها ( دولة الوهابية ) على سبيل اللمز والطعن .
وقبل الدخول في رد هذا اللمز في آخر هذا المؤلف - إن شاء الله - ينبغي أن أؤكد أن وصف هذه الدعوة بالوهابية يعد تزكية لا تقدر بثمن ؛ لأن الوهابية التي يعيرونها بها يقصدون بها دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ، والتي هي في الحقيقة : الإسلام والسنة وسبيل السلف الصالح ، والتزام كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
أما الوهابية على الوصف الذي افتراه الخصوم ، والتي تعني ( بزعمهم ) مذهبا خامسا ، أو فئة خارجة عن السنة والجماعة ، أو التي تعني عند أهل الأهواء والبدع والافتراق وأتباعهم من الغوغاء : ( بغض النبي - صلى الله عليه وسلم - والأولياء . . . ) أو نحو ذلك من المفتريات التي سيأتي ذكرها والرد عليها ، فهذه المفتريات لا تعدو أن تكون أكاذيب وأوهاما في خيالات القوم وعقولهم ، أو شائعات صدقوها دون تثبت .
وقد ذكرت أن كل الذين أطلقوا هذه المفتريات والبهتان والذين صدقوا هذه الشائعات ليس عندهم من الدليل والبرهان ما يثبت شيئا من مزاعمهم ، بل المنصف والباحث عن الحقيقة يجد الأمر خلاف ما يفترون .
فها هي المملكة العربية السعودية ( حكومة وشعبا ) كيان شامخ ملأ سمع العالم وبصره ، ظاهرة بكيانها الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ، والدولي وجميع أحوالها وإصداراتها العلمية والإعلامية والأدبية والثقافية ، والفكرية وغير ذلك كله ( إلا ما شذ ) ينفي هذه المزاعم ؛ إذن فالمثالب التي ينسبونها لما يسمونه ( الوهابية ) ودولتها وأتباعها لا حقيقة لها .
ولا يعني ذلك أننا نزكي أنفسنا مطلقا ، فإن عمل البشر مهما بلغ لا بد أن يعتريه النقص والتقصير والخلل والخطأ ، والناقد بصير .
 - ص 14 - بل يجب أن نعترف أنه حصل في بلادنا ومجتمعنا كثير من التحولات السلبية في كل مناحي الحياة ، وأصبنا بأدواء الأمم في بعض الأمور ، لكن مع ذلك لا تزال الأصول والثوابت والمسلمات قائمة ومتينة ومعتبرة بحمد الله .
والحق : أن الأمة الإسلامية ، مع ما اعتراها من كثرة البدع والأهواء والجهل والإعراض والفرقة والشتات ، إلا أنها لا تزال فيها بقايا خير ، وولاء للإسلام ، وهذا التصور الحق هو الذي دفع هذه الدعوة المباركة إلى السعي الجاد واستنهاض نزعة الخير في الأمة .
ولذلك لو أن الأمة الإسلامية سلمت من تضليل الخصوم ، ودعايات السوء التي حالت بينها وبين التعرف على طبيعة الحق الذي يحمله منهج هذه الدعوة التي يعيرونها بـ ( الوهابية ) لاستجاب كثير من المسلمين لداعي الحق ، وكان للمسلمين شأن آخر من العزة والقوة والاجتماع والهيبة . ولله الأمر من قبل ومن بعد .
هذا . . . وقد حرصت خلال هذا البحث كله أن أركز على التأصيل وبيان المنهج الذي سارت عليه الدعوة وأتباعها ودولتها ، وتوثيق ذلك من كتبهم وأقوالهم ومواقفهم ، والواقع العلمي ، والعملي الذي يعيشونه ويعتمدونه ؛ لأن هذا أجدى في كشف الحقيقة ، وأبلغ في رد الشبهات وكشف الزيوف والمفتريات عليهم . ولذا آثرت الإقلال من المجادلات والتمادي في النقاش ، وأحسب أن هذا أبلغ في البيان وأقرب للإقناع ، وأجمع للشمل ، والله حسبنا ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب .
ونسأل الله تعالى أن ينصر الحق وأهله ، وأن يخذل الباطل وأهله ، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى ، وما فيه خيرهم وعزهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة ، وأن يقيهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن .
وصلى الله وسلم وبارك على خير الخلق أجمعين نبينا وحبيبنا محمد وآله ، وارض عن صحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بفضل الله ورحمته آمين .

الثلاثاء، 2 أبريل 2013


ما هي عقيدة الأشاعرة وفيم يختلفون عن السنة ؟



السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بارك الله في جهودكم
ما هي عقيدة الأشاعرة وفيم يختلفون عن السنة ؟؟ وهل الشيخ الشعراوي كان أشعري وإذا كان أشعري هل نستمع له حيث له أسلوب رائع لتوصيل المعلومة والتفسير وغيره


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجزاك الله خيرا

الأشاعرة: فرقة كلامية إسلامية، تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المعتزلة . وقد اتخذت الأشاعرة البراهين والدلائل العقلية والكلامية وسيلة في محاججة خصومها من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن كلاب . ( كما في الموسوة الميسرة ) 

وأبو الحسن الأشعري رحمه الله رجع عما كان عليه وألّف المؤلّفات في عقيدة أهل السنة ، ومع ذلك لم يرجع أتباعه !

وأما الخطوط العريضة في عقيدة الأشاعرة : 

فأنهم يُثبِتون لله عزّ وَجَلّ سبع صِفات ، ويقولون بتأويل بقية الصفات . فيُثبِتون لله عزّ وَجَلّ (الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام)

ثم هم مُضطربون في إثبات هذه الصفات ! فالكلام عندهم ليس هو ما يعقتده أهل السنة من أن الله تكلّم بالقرآن حقيقة ، بل عندهم أنه حديث نفسي . 

مصدر التلقي عند الأشاعرة : الكتاب والسنة على مقتضى قواعد علم الكلام ؛ ولذلك فإنهم يُقَدِّمون العقل على النقل عند التعارض . 

عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة لأنها لا تفيد العلم اليقيني ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات أو فيما لا يعارض القانون العقلي . والمتواتر منها يجب تأويله ، ولا يخفى مخالفة هذا لما كان عليه السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ومن سار على نهجهم . ( كذا في في الموسوة الميسرة ) 

وقد اضطربت عقائد الأشاعرة على اختلاف العصور ، وعلى اختلاف مراحلها وأطوارها !

وقد خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد هو أول واجب على العبيد إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل . 

بينما أول واجب عند الأشاعرة إذا بلغ الإنسان سن التكليف هو النظر أو القصد إلى النظر ثم الإيمان ، ويُعبِّرون عنها أحيانا بالشكّ ! أي : أن يشكّ الإنسان أولاً ثم يعتقد !

الأشاعرة في الإيمان بين المرجئة التي تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان ، وبين الجهمية التي تقول يكفي التصديق القلبي . 

ولهم عقائد تُخالف عقيدة أهل السنة والجماعة في القضاء والقدر ، وفي حُكم صاحب الكبيرة ، وفي رؤية الله تبارك وتعالى ... 

ومع ذلك هم أقرب الناس إلى أهل السنة ، ووقد نصَر كثير منهم السنة ، وردّوا على أهل البدع مثل المعتزلة ، وغيرهم . ولا يعني هذا تصحيح ما هم عليه ، بل هم من جُملة أهل البدع ، إلاّ أن البدع ليست في درجة واحدة ، وأهل السنة أهل إنصاف لا أهل إجحاف !

ولذا يُقرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الأشاعرة إذا كانوا في بلد ولا يوجد غيرهم فإنهم هم أهل السنة في ذلك البلد .

وذلك من ناحيتين :

الأولى : قربهم لأهل السنة في المعتقد .

الثانية : ذبّهم ومنافحتهم عن السنة .

ولذا فإن أهل السنة إذا ترجموا لعلماء الأشاعرة ذكروا ما لهم من حسنات ، وذبّهم عن السنة ومقارعتهم للرافضة والمعتزلة والجهمية وسائر الفرق الضالة .ويُنظر على سبيل المثال ترجمة " الباقلاني " في سير أعلام النبلاء .

أما أهل السنة فيُثبِتون لله عزّ وَجَلّ ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تأويل ولا تمثيل ولا تعطيل . 

والشيخ الشعراوي رحمه الله كان اشعريا ، ومع ذلك يُمكن الإفادة من تفسيره فيما يتعلق بالتفسير دون ما يتعلق بالعقيدة ، فإذا كان كلامه في مسائل الاعتقاد فيجب الاحتياط ، وعدم الاعتماد على كلامه . 

وعقيدة الأشاعرة والصوفية هي العقيدة المعتبرة في " الأزهر " ، وذلك بِحُكم التوارث ! 

والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد

ما هي عقيدة الأشعري؟



الإجابة
: إن الأشعري أبا الحسن علي بن إسماعيل من ذرية أبي موسى الأشعري هو من أئمة الدين ومن المحدثين والأصوليين والقراء، وقد اجتهد في بعض أمور الدين فأصاب في بعضها وأخطأ في بعضها، فما اجتهد فيه من العقائد بعضه صواب لا غبار عليه وبعضه خطأ بيّنٌ واضح، فلذلك لا حرج في تقليده في الصواب الذي أصاب فيه في حق من لا يعرف الدليل ولا يستطيعه، ولا يجوز تقليده فيما أخطأ فيه في حق من عرف أنه خطأ، وهذا أيضاً هو مذهب الأشعري وهو مذهب كل مجتهد من المجتهدين من أهل الدين، يرون موافقتهم فيما وافق الشرع ويرون عدم تقليدهم فيما خالف الشرع لدى الإنسان نفسه، فالخطاب الذي تخاطب به بين يدي الله ليس مقتضى عقل الأشعري ولا عقل مالك ولا عقل الشافعي، إنما تخاطب على مقتضى عقلك أنت، وما بلغك من الشرع، فما ترجح لديك لا تُعذر في تركه ولو خالفه جمهور الناس، إذا ترجح لديك أن هذا النص ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهمته بمقتضى اللغة وأنت من أهل الفهم في الشرع فهمته فهما لا يحل لك تركه بما لم تعرف دليله، ولو أتاك الأشعري نفسه وخاطبك بذلك، أو أتاك مالك وخاطبك به لا يحل لك العدول عن الدليل إذا عرفته، فلذلك لا يقال: عقيدة الأشعري باطلة مطلقاً ولا صحيحة مطلقاً، بل هي اجتهادات فيها صواب وفيها خطأ.

والذي ذكره أهل العلم من أخطائه أربعة أخطاء فقط، وقد ذكر هو رجوعه عنها في كتاب مقالات الإسلاميين، وقد قال الحكماء قديماً: كفى المرء نُبلاً أن تعد معايبه، إذا كان الأشعري مجتهداً واجتهد في كثير من الاجتهادات فأخطأ في أربعة فقط ورجع عنها فهذا يكفيه فخراً ويكفيه دليلاً على الاستقامة أنه رجع عمَّا تبين له خطؤه فيه، ولذلك فإنه يقول في كتاب مقالات الإسلاميين كلما أتى إلى مقالة من المقالات التي كان له فيها مذهب ورجع عنه يذكر قول أهل الحديث وأهل السنة ثم يقول: "وبقولهم أقول"، وهذا رجوع صريح من أبي الحسن رحمه الله إلى ذلك القول، وقد بين ذلك في مقدمة كتاب الإبانة أيضاً وصرّح به.

وعموماً فكثير من الأقوال التي تنسب إلى أبي الحسن والتي يراها الناس من مذهبه وهي مدونة في كتب الأشاعرة لا صلة لأبي الحسن الأشعري بها، لا يقولها أبداً بوجه من الوجوه، فمثلاً: مسألة الأحوال التي هي من أعظم المسائل التي خاض فيها الأشاعرة، قد نص الأشاعرة جميعاً على أن أبا الحسن لا يراها، وأنه يخالفهم فيها، ومسألة إثبات صفة مستقلة تسمى الوجود وهي الصفة النفسية وهي مسألة لدى المتأخرين من الأشاعرة يصرحون بأن أبا الحسن ينكرها، ولذلك قال المقري في الإضاءة:
ومن يرى الوجود عين الذات *** كالشيخ لم يعدده في الصفات

وأيضاً فإن كثيراً من الأقوال المنسوبة إلى أبي الحسن لا تصح نسبتها إليه بوجه من الوجوه، كما يتعلق بالتقليد في أصول الدين، ولذلك قال السيوطي رحمه الله:
يمتنع التقليد في العقائد *** للفخر والأستاذ ثم الآمدي
والعنبري جوزه وقد حظر *** أسلافنا كالشافعي فيه النظر
ثم على الأول إن يقلد *** فمؤمن عاص على المعتمد
لكن أبو هاشم لم يعتبر *** إيمانه وقد عزي للأشعري
قال القشيري عليه مفترى *** والحق إن يأخذ بقول من عرى

فهذا القول نسبته إلى أبي الحسن الأشعري افتراء على أبي الحسن ليس من كلامه،
قال القشيري عليه مفترى *** والحق إن يأخذ بقول من عرى
بغير حجة لأدنى وهم *** لم يكفه ويكتفي بالجزم

هذا في الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع للسيوطي، لم يقل بذلك أبو الحسن قط، لم يقل بنفي العلو ولا قال إن الله في كل مكان أبداً، ما قال هذا النوع من الكلام، بل قد نص على أن أئمة السلف نصوا على أن من قال إن الله في الأرض أو أنه في كل مكان فقد كفر. 

هذا هو الفرق بين عقيدة الأشاعرة وعقيدة أهل السنة


الجمعة، 29 مارس 2013



* إذا أراد المسلم أن يصلي فإنه يستقبل القبلة ثم يقول ( الله أكبر ) وهي ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبر )1 .
* ولا بد من قولها باللسان ، ولا يشترط أن يرفع صوته بها .
*إذا كان الإنسان أخرس فإنه ينويها بقلبه .
* يُسَن أن يرفع يديه عند التكبير إلى منكبيه وتكون مضمومتي الأصابع [ أنظر صورة 1]
 لقول ابن عمر رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة ، وإذا كبر للركوع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ) 2 [ أنظر صورة 1] أو يرفعهما بمحاذاة أذنيه ، لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ) 3 [ أنظر صورة 2] .



* ثم يقبض كوع يده اليسرى بيده اليمنى ويضعهما على صدره 4 [ أنظر صورة 3 ]
 ، أو يضع يده اليمنى على كفه وذراعه الأيسر ويضعهما على صدره [ أنظر صورة 4 ]
 ، لحديث وائل ابن حُجر ( فكبر – أي النبي صلى الله عليه وسلم – ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه الأيسر والرسغ والساعد ) 5. ولحديث وائل : ( كان يضعهما على صدره ) 6.


* وينظر إلى موضع سجوده ، لقول عائشة رضي الله عنها عن صلاته صلى الله عليه وسلم : ( ما خَلّف بَصرهُ موضعَ سجوده )7 .
* ثم يقرأ دعاء الاستفتاح ، وهو سنة ، وأدعية الاستفتاح كثيرة ، منها : ( سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ) 8 .
أو يقول : ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ، الله اغسلني بالماء والثلج والبَرَد )9 .
* ثم يستعيذ ، أي يقول : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) وإن شاء قال : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) وإن شاء قال : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه )10 .
*ثم يبسمل ، أي يقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
* ثم يقرأ الفاتحة في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) 11 ، وهي ركن لا تصح الصلاة بدونها .
* وإذا كان المصلي لا يُجيد الفاتحة ، فإنه يقرأ ما تيسر من القرآن بدلها ، فإذا كان لا يجيد ذلك ، فإنه يقول : ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله )12 .
ويجب عليه المبادرة بتعلم الفاتحة .
* ثم يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن الكريم . إما سورة كاملة ، أو عدة آيات .
* ثم يركع قائلاً : ( الله أكبر ) ، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو إلى حذو أذنيه ، كما سبق عند تكبيرة الإحرام [ أنظر صورة 1 و 2 ] ، ويجب أن يسوى ظهره في الركوع [ أنظر صورة 5 ]
 ، ويُمَكن أصابع يديه من ركبتيه مع تفريقها [ أنظر صورة 6 ].
* ويقول في ركوعه ( سبحان ربي العظيم ) . والواجب أن يقولها مرة واحدة ، وما زاد فهو سنة .
* ويسن أن يقول في ركوعه : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) 13، أو يقول : ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) 14 .




* ثم يرفع رأسه من الركوع قائلاً : ( سمع الله لمن حمده ) ويُسَن أن يرفع يديه – كما سبق – [ أنظر صورة 1 و صورة 2] ثم يقول بعد أن يستوي قائماً ( ربنا لك الحمد ) ، أو ( ربنا ولك الحمد ) ، أو ( اللهم ربنا لك الحمد ) ، أو ( اللهم ربنا ولك الحمد ) .
* ويُسن أن يقول بعدها : ( ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) 15 .
* ويُسَن أن يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره في هذا القيام ، كما فعل في القيام الأول قبل الركوع [ كما في صورة 3 و صورة 4 ].
وضع خاطئ
 لرفع اليدين
 ينبغي أن يرفع يديه في هذا الموضوع كما في صورة
[1أو2]


* ثم يسجد قائلاً : ( الله أكبر ) .
* ويقدم ركبتيه قبل يديه عند سجوده [ أنظر صورة 7 ] ، لحديث وائل بن حُجر رضي الله عنه قال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه ) 16.
* ويجب أن يسجد المصلي على سبعة أعضاء : رجليه ، وركبتيه ، ويديه ، وجبهته مع الأنف ، ولا يجوز أن يرفع أي عضو منها عن الأرض أثناء سجوده ، وإذا لم يستطع المصلي أن يسجد بسبب المرض فإنه ينحني بقدر استطاعته حتى يقرب من هيئة السجود ، [ أنظر صورة 8 ].

* يُسَن في السجود أن يُبعد عضديه عن جنبيه [ أنظر صورة 7د ] ، لأنه صلى الله عليه وسلم ( كان يسجد حتى يُرى بياض إبطيه ) 17 ، إلا إذا كان ذلك يؤذي من بجانبه .
* ويُسَن في السجود أن يُبعد بطنه عن فخذيه ، [ أنظر صورة 7د ].
* ويُسَن في السجود أن يفرق ركبتيه ، أي لا يضمهما إلى بعض ، وأما القدمان فإنه يلصقهما ببعض لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك في سجوده ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان ( يرص عقبيه في سجوده ) 18 [ أنظر صورة 7د ].


* ويُسَن في السجود أن يفرق ركبتيه ، أي لا يضمهما إلى بعض ، وأما القدمان فإنه يلصقهما ببعض لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك في سجوده ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان ( يرص عقبيه في سجوده ) 18 [ أنظر صورة 7د ].
* يكره أن يتكئ المصلي بيديه على الأرض في سجوده [ كما في صورة 9 ]
 لقوله صلى الله عليه ( لا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) 19 ولكن يجوز أن يتكئ بيديه على فخذيه إذا تعب من طول السجود [ أنظر صورة 10 ].
* يجب أن يقول في سجوده ( سبحان ربي الأعلى ) مرة واحدة ، وما زاد على ذلك فهو سنة .
* ويُسَن أن يقول في سجوده : ( سُبُوح قُدوس رب الملائكة والروح ) 20 أو يقول : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) 21 .



* ثم يرفع رأسه قائلاً : ( الله أكبر ) ، ويجلس بين السجدتين مفترشاً رجله اليسرى ناصباً رجله اليمنى

* ويجب أن يقول وهو جالس بين السجدتين : ( رب اغفر لي ) مرة واحدة ، وما زاد على ذلك فهو سنة .
* ويُسَن أن يقول : ( رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني )22 .

* ويضع يديه في هذه الجلسة على فخذيه ، وأطراف أصابعه عند ركبتيه ، [ أنظر صورة 12 ]
 وله أن يضع يده اليمنى على ركبته اليمنى ويده اليسرى على ركبته اليسرى ، كأنه قابض لهما ، [ أنظر صورة 13 ]
.
* ثم يسجد ويفعل في هذه السجدة ما فعل في السجدة الأولى .
* ثم ينهض من السجود إلى الركعة الثانية معتمداً على ركبتيه ، [ عكس صورة 7 ] ، قائلاً : ( الله أكبر ) .
* ثم يصلي الركعة الثانية كما صلى الركعة الأولى ، إلا أنه لا يقول دعاء الاستفتاح في أولها ، ولا يتعوذ قبل قراءته القرآن ، لأنه قد استفتح وتعوذ في بداية الركعة الأولى .
* ثم في نهاية الركعة الثانية يجلس للتشهد الأول مفترشاً ، [ أنظر صورة 11 ] ، وتكون هيئة يده اليمنى كما في الصورة : يقبض أصبعه الخنصر والبنصر ويُحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة عند الدعاء ( أي عند عبارة في التشهد فيها معنى الدعاء ) [ أنظر صورة 14 ]
أو يقبض جميع أصابع يده اليمنى ويشير بالسبابة عند الدعاء [ أنظر صورة 15 ] أما يده اليسرى فيقبض بها على ركبته اليسرى ، وله أن يبسطها على فخذه الأيسر دون قبض الركبة
* ويقول في هذا الموضع : ( التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ) .


* إذا كانت الصلاة من أربع ركعات ، كالظهر والعصر والعشاء ، فإنه يجلس في التشهد الأخير متوركاً ، [ أنظر صورة 16 أو صورة 17 ] وتكون هيئة يديه كما سبق في التشهد الأول ، ويقول كما قال في التشهد الأول ( التحيات لله .... الخ ) ، ثم يقول بعدها ( اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) .

* ويُسَن أن يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، وعذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال )23.
* ثم يدعو بما شاء ، كقول ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) 24.
* ثم يسلم عن يمينه ( السلام عليكم ورحمة الله ) وعن يساره كذلك .
* ثم يقول الأذكار الواردة بعد السلام كقول : ( استغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر الله ، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام )25 .
وقول : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الـجَد منك الـجَد ) 26 .
وقول ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) 27 .
ثم يقول : ( سبحان الله والحمد لله والله أكبر ) (33) مرة ، ويقول بعدها مرة واحدة ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) 28 .
* ويقرأ آية الكرسي . 29 وسورة { قل هو الله أحد } ، و { قل أعوذ برب الفلق } ، و { قل أعوذ برب الناس }30 .
* ينبغي على المسلم المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد وعدم التهاون في ذلك ، ليكون من المفلحين إن شاء الله .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

مقدمة في عقيـدة السلف الصالح



في صفات الله عز وجل


الحمدلله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت الكمال، المنزه عما يضاد كماله، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد

فإن مسائل الأسماء والصفات من أعظم مطالب الدين، وأشرف علوم الأولين والآخرين، وأدقها في عقول أكثر العالمين. وقد حصل فيها من الاختلاف شيء عظيم، بسبب ما أحدثته المبتدعة من الخوض في ذات الله وأسمائه وصفاته .
ومن أخطر هذه البدع: ما أحدثته الجهمية من وصف الباري سبحانه بالنقائص، وتعطيل صفات الكمال التي أثبتها لنفسه وأثبتها له أعلم الخلق به رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، ثم ما أحدثه بعدهم المعتزلة، وغيرهم.
وتأثر كثير من المسلمين بذلك، وخاضوا فيه، فتفرقت الكلمة، وظهر مَن نَفَى أسماء الله - تعالى - وصفاته، ومَن نفى صفاته مع إثبات أسمائه، ومَن أثبت الأسماء وبعض الصفات. وكان التأويل المذموم، وانحرف كثير من الناس بهذه الطرق والمناهج المبتدعة، خاصة في هذا العصر الذي اختلطت فيه الثقافات، وكثرت وسائل النشر لهذه الاعتقادات. وأصبح الحق فيه عند بعض الناس غريباً، واستعمل العقل في كثير من العلوم بعيداً عن الوحي. وقَلّت – في قلوب كثير من الناس - منزلة أسماء الله وصفاته، التي تزيد الإيمان، وتشعر العبد بعظمة الخالق الديان، وأنه الواحد الفرد الصمد، له الكمال المطلق في ذاته وصفاته .
ونحن نذكر هنا مقدمة لطيفة عن معتقد السلف الصالح، فنقول و بالله التوفيق :

اعلموا رحمكم الله أن السلف الصالح وأئمة السنة قد اتفقت أقوالهم على الإيمان بالله تعالى و الشهادة له بالتوحيد , وأنه تعالى موصوف بصفاته التي جاءت في كتابه العزيز وصحّ بها النقل عن نبيه صلى الله عليه و سلم، وبما صحّ في دواوين الإسلام بنقل العدول الثقات عن رسول الله صلى الله عليه و سلم , فأمرُّوا نصوص الصفات كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، متبعين بذلك قول الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]


الأسس التي يقوم عليها مذهب السلف الصالح في الصفات:

1– إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات والإيمان بها، وأن الله مدح نفسه بها، ودليله قول الله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:255]، {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}، {الرحمن على العرش استوى} [طه:5]، {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] إلى غير ذلك من الآيات.
- قال الإمام أحمد بن حنبل: «نعبد الله بصفاته كما وصف به نفسه ، قد أجمل الصفة لنفسه ، ولا نتعدى القرآن والحديث ، فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه ، ولا نتعدى ذلك ، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ، ولا نزيل عنه تعالى ذكره صفة من صفاته شناعة شنعت.» (1)
- وقال عبد الرحمن بن القاسم (191 هـ) صاحب الإمام مالك: «لا ينبغي لأحد أن يصف الله إلا بما وصف به نفسه في القرآن ، ولا يشبه يديه بشيء ، ولا وجهه بشيء ، ولكن يقول : له يدان كما وصف نفسه في القرآن ، وله وجه كما وصف نفسه ، يقف عندما وصف به نفسه في الكتاب ، فإنه تبارك وتعالى لا مثل له ولا شبيه ولكن هو الله لا إله إلا هو كما وصف نفسه.» (2)

2 – تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات، ودليله قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11]، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:65]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:4]
-قال إسحاق بن راهويه (238 هـ) : «إنما يكون التشبيه إذا قال: (يدٌ كيدٍ) أو (مثلُ يدٍ) أو (سمعٌ كسمعٍ) أو (مثلُ سمعٍ)، فإذا قال (سمعٌ كسمعٍ) أو (مثلُ سمعٍ) فهذا التشبيه، وأما إذا قال كما قال الله تعالى، يد وسمع وبصر لا يقول: كيف، ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها.» (3)

3 - عدم الخوض في كيفية الصفات، ودليله قوله تعالى {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه:110]؛ {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة:255]
- قال وكيع بن الجراح (197 هـ) في أحاديث الصفات: «نُسلِّم هذه الأحاديث كما جاءت ، ولا نقول كيف هذا؟ ولم جاء هذا ؟ » (4)


الاعتقاد في الصفات كالاعتقاد في الذات

واعتقاد السلف وأهل السنة في صفات الله كاعتقادهم في ذاته المقدسة:
قال الخطيب البغدادي (463 هـ) :
(أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها ... والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.) (5)

وأنشد أبو عمر محمد بن قدامة (6) (607 هـ) :

والقول في الصفات يا إخواني ... كالذات والعلم مع البيان
إمرارها من غير ما كفران ... من غير تشبيه ولا عدوان
(7)


وكانت عقيدتهم في صفات الله تعالى على طريقة واحدة، لا يفرقون بين الصفات في إيمانهم بها:
- عن الوليد بن مسلم قال: (سألت الأوزاعي ، والثوري ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد عن الأحاديث التي في الصفات فقالوا: «أمروها كما جاءت»
- وقال سفيان بن عيينة (198 هـ) : «كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل» (8)


التأويل مذهب الخلف

ولم يثبت عن السلف الصالح أنهم تأولوا صفات الله تعالى أو حرّفوها عن معانيها , بل كلهم مجمع على الإيمان بها من غير تأويل وقد اشتهر ذلك عنهم حتى تتابع ذكر ذلك عن جماعة من أهل العلم على مر العصور نذكر أفراداً منهم نصوا على ذلك :

قال الامام الترمذي (270 هـ) :
(هكذا رُوِي عن مالك، و سفيان بن عيينة، و عبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: «أمروها بلا كيف». وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه: اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده. وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة.) (9)

وقال الحسين البغوي الشافعي (516 هـ) بعد ذكره لعدد من آيات وأحاديث الصفات:
(وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعًا بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله عز وجل.) (10)

وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي (620 هـ) في كتابه «لمعة الإعتقاد»:
"وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم ، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات، لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله. وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات.)
وقال في موضع آخر من نفس الكتاب -بعد ذكره لعدد من آيات وأحاديث الصفات- قال: (فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله، ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ، ولا تشبيهه ولا تمثيله.)

هذا كلام أفراد من أهل العلم في أزمان مختلفة ومن تركناهم كثير والقصد التنبيه والتذكير .


التأليف في عقيدة السلف

وممن ألَّف في عقائد السلف ، وذكر معتقدهم في كتب التفسير المنقولة عن السلف جماعة منهم :
عبد الرزاق، والإمام أحمد، وبقي بن مخلد، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وعبد بن حميد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن جرير الطبري، وأبو بكر بن المنذر، وأبو بكر عبد العزيز، وأبو الشيخ الأصفهاني، وأبو بكر بن مردويه وغيرهم .

وكذلك الكتب المصنفة في السنة والرد على الجهمية ، وأصول الدين المنقولة عن السلف ، مثل:
- كتاب الرد على الجهمية لمحمد بن عبد الله الجعفي شيخ البخاري
- كتاب خلق أفعال العباد للبخاري ،
- كتاب السنة لأبي داود، ولأبي بكر الأثرم، ولعبد الله ابن الإمام أحمد، ولحنبل بن إسحاق ، ولأبي بكر الخلال، ولأبي الشيخ الأصفهاني، ولأبي القاسم الطبراني، ولأبي عبد الله بن منده وغيرهم.
- كتاب الشريعة لأبي بكر الآجري
- أصول السنة لابن أبي زَمَنين.
- كتاب الأصول لأبي عمر الطلمنكي
- الرد على الجهمية لابن منده، وابن أبي حاتم الرازي وغيرهما.

فالأئمة الأربعة، وابن المبارك، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، والليث بن سعد، والبخاري، ومسلم، وإسماعيل المزني، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والأوزاعي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وإسحاق بن راهويه، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن نصر المروزي وغير هؤلاء كثير كلهم على عقيدة واحدة على مذهب السلف الصالح.

نسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الموقع ويهدي كل مخالف للكتاب و السنة إنه على ذلك قدير.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.

الخميس، 21 مارس 2013


    أنواع عذاب القبر




    وقد ورد فى عذاب القبر انواع :

    منها الضرب بمطراق من حديد او غيرة .تقدم بإسناده ، عن محمد بن المنكدر ، قال (( بلغنى ان الله عزوجل يسلط على الكافر فى قبرة دابة عمياء بيدها سوط من حديد ، راسها مثل غرب الجمل ، تضربه الى يوم القيامة، لا تراه ولا تسمع صوته فترحمه))
    ومنها تسلط الحيات والعقارب وقد ثبث ذلك من حديث ابى هريرة قال (( أتدرون فيما أنزلت هذة الاية (( فإن له معيشة ضنكا)) سورة طه: 124 تدرون ما المعيشة الضتك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم : قال عذاب الكافر فى قبرة والذى نفسى بيده إنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً،أتدرون ما التنين ؟ قال : تسعة وتسهون حية لكل حية سبعة رؤوس وفى رواية (( تسعة رؤوس، ينفخون فى جسمة ، ويلسهونة ويخدشونة الى يوم يبعثون )) اخرجة بقى بن مخلد فى مسنده
    ومنها رض رأس الميت بحجرة وشق شدق ونحو ذلك وقد ورد فى حديث سمرة، قلت فالذى يسبح فى الدم ؟ قال: ذاك رجل صاحب الربا ،ذاك طعامه فى القبر الى يوم القيامة . قلت فالذى يشدخ رأسة ؟ قال : ذاك رجل تعلم القرآن ، فنام حتى نسيه ، لا يقرأ منه شيئا كلما رقد دقوا رأسه فى القبر الى يوم القيامة ولا يدعونه ينام ))
    ومنها تضيق القبر على الميت حتى تختلف اضلاعه وقد سبق ذلك أحاديث متعددة وخرج الننسائى ، من حديث نافع ، عن عبدالله بن عمر ، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (( هذا الذي تحرك له العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون الفا من الملائكة، لقد ضم ضمة ثم فرج عنه )) وفى حديث اخر عن نافع عن ضيفة بنت أبى عبيد ، عن بعض ازواج النبى صلى الله علية وسلم (( ان كنت لارى لو أن أحد أعفي من عذاب القبر ، لعفي منه سعد بن معاذ ، لقد ضم فيه ضمة))
    ,ذكر ان يرفع عذاب القبر او بعضة فى بعض الاشهر الشريفة وقد روى عن أنس ابن مالك : أن عذاب القبر يرفع عن الموتى فى شهر رمضان وكذالك فتنة القبر ترفع عمن مات فى يوم الجمعة او ليلة الجمعة .

السَّحَر موعد فيه يضحك الله للمصطفين


    قيام الليل نافلةٌ من نوافل العبادات الجليلة بها تكفَّر السيئات، وتُقضى الحاجات، ويُستجاب الدعاء، ويزول المرض والداء، وتُرفع الدرجات في دار الجزاء.. نافلةٌ لا يلازمها إلا الصالحون، فهي دأبهم وشعارهم، وهي ملاذهم وشغلهم.. تلك النافلة هي قيام الليل.



    وقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحثُّ أصحابَه على القيام، ويبيِّن لهم فضله وثوابه في الدنيا والآخرة، تحريضًا على نَيل بركاته والظفر بحسناته.. قال- صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بقيام الليل؛ فإنه تكفيرٌ للخطايا والذنوب، ودأب الصالحين قبلكم، ومطردة للداء عن الجسد" (رواه الترمذي والحاكم).



    ثمرات قيام الليل

    من ثمراته دعوة تستجاب، وذنب يُغفر، ومسألة تُقضى، وزيادةٌ في الإيمان، والتلذذ بالخشوع للرحمن، وتحصيل السكينة، ونيل الطمأنينة، واكتساب الحسنات، ورفعة الدرجات، والظفر بالنضارة والحلاوة والمهابة، وطرد الأدواء من الجسد.. فمَن منا مستغنٍ عن مغفرة الله وفضله؟! ومَن منَّا لا تضطَّره الحاجة؟! ومَن منَّا يزهد في تلك الثمرات والفضائل التي ينالها القائم في ظلمات الليل لله؟!



    وهذه توجيهات نبوية تحضُّ على نيل هذا الخير:

    فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "أقرب ما يكون الربُّ من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الليلة فكن" (رواه الترمذي وصححه)، وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، ودُبُر الصلوات المكتوبات" (رواه الترمذي وحسنه)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: مَن يدعوني فأستجِيبَ له، مَن يسألُني فأعطيَه، من يستعفرني فأغفرَ له" (رواه البخاري ومسلم)، وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "تُفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي منادٍ: هل من داع فيُستجاب له؟ هل من سائل فيُعطَى؟ هل من مكروب فيُفرَّج عنه؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشارًا" رواه الترمذي وحسنه).



    فيا ذا الحاجة، ها هو الله جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كلَّ ليلة نُزولاً يليق بجلاله وكماله، وهو المنزَّه عن الشبيه والمثيل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ) (الشورى:11)، ويعرض علينا رحمته واستجابته وعطفه ومودته، وينادينا نداءً حنونًا مشفقًا: هل من مكروب فيفرج عنه؟! فأين نحن من هذا العرض السخي؟! قم أيها المكروب في ثلث الليل الأخير، وقل: لبيك وسعديك.. أنا يا مولاي المكروب وفرجُك دوائي، وأنا المهموم واكشف سنائي، وأنا الفقير وعطاؤك غنائي، وأنا الموجوع وشفاؤك رجائي.



    قم وأحسن الوضوء ثم صلِّ ركعات خاشعة.. أظهر فيها لله ذُلَّك واستكانتك له.. وأَطلِعه على نية الخير والرجاء في قلبك.. فلا تدع في سويدائه شوبَ إصرار.. ولا تبيِّتْ فيه سوء نية، ثم تضرع وابتَهِل إلى ربك شاكيًا إليه كربك.. راجيًا منه الفرج.. وتيقََّن أنه موعود بالاستجابة فلا تعجَل ولا تدع الإنابة.. فإن الله قد وعدك إن دعوتَه أجابك، قال سبحانه: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) (النمل:62).



    أتهزأ بالدعاء وتزدريه ولا تدري بما صنع الدعاء؟!

    سهام الليل لا تخطي ولكن ها أمد وللأمد انقضاء

    قم يا ذا الحاجة ولا تستكبر عن السؤال فقد دعاك مولاك إلى التعبُّد له بالدعاء، فقال سبحانه: (واسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) (النساء:32)، وخير وقت تسأله فيه هو ثلث الليل الآخر.. قم ولا تيأس مهما اشتد اضطرارك.. فربك قديرٌ لا يعجزه شيء، وإنما أمره إذا قضى شيئًا أن يقول له كن فيكون.. وتذكر أن الله سبحانه من جميل رحمته قد حرَّم عليك سوء الظن به كما حرم عليك اليأس من رحمته، فقال سبحانه: (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ) (يوسف:87).


    قم وأحسن الظن بريك.. وتودَّد إليه بجميل أوصافه، وسعة رحمته، وجميل عفوه، وعظيم عطفه ورأفته، فحاجتك ستُقضى.. وكربك سيزول.. فلا تيأس واطلب في محاريب القيام الفرج، ويا صاحب الذنب قد جاءتك فرصة الغفران تعرض كل ليلة، بل هي أمامك كل حين، ولكنها في الثلث الأخير أقرب إلى الظفر والنيل.. فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" (رواه مسلم)، وقد تقدم في الحديث أن الله جل وعلا ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى سماء الدنيا فيقول: "من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيَه؟ من يستغفرني فأغفرَ له؟" (رواه البخاري ومسلم).



    ويد الله سبحانه مبسوطةٌ للمستغفرين بالليل والنهار، ولكنَّ استغفار الليل يفْضُل استغفار النهار بفضيلة الوقت وبركة السحر؛ ولذلك مدَح الله جل وعلا المستغفرين بالليل فقال سبحانه: (وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) (آل عمران:17)؛ وذلك لأن الاستغفار بالسحر فيه من المشقة ما يكون سببًا لتعظيم الله له، وفيه من عنت ترك الفراش ولذة النوم والنعاس ما يجعله أولى بالاستجابة والقبول، لاسيما مع مناسبة نزول المولى جل وعلا إلى سماء الدنيا وقربه من المستغفرين.. فلا شكَّ أن لهذا النزول بركةً تفيض على دعوات السائلين وتوبة المستغفرين وابتهالات المبتهلين.



    فيا من أسرف على نفسه بالذنوب حتى ضاقت بها نفسه، وشق عليه طلب العفو والغفران لما يراه في نفسه من نفسه من عظيم العيوب وكبائر السيئات.. قم لربك في ركعتين خاشعتين؛ فقد عرض عليك بهما الغفران، قال لك: مَن يستغفرني فأغفرَ له؟! قم واهمس في سجودك بخضوع وخشوع تقول: أستغفرك اللهم وأتوب إليك.. رب اغفر لي وارحمني وأنت خير الراحمين.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.



    ويا صاحب النعمة أقبل على ربك بالليل وأدِّ حق الشكر له: فإن قيام الليل أنسب أوقات الشكر، وهل الشكر إلا حفظ النعمة وزيادتها؟! تأمل في رسول الله لما قام حتى تفطرت قدماه، فقيل له: يا رسول الله، أما غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا" (رواه البخاري).



    ففي هذا الحديث دلالةٌٌ قويةٌ على أن قيام الليل من أعظم وسائل الشكر على النعم، ومن منَّا لم ينعم الله عليه؟! فنعمه سبحانه تلوح في الآفاق، وتظهر علينا في كل صغيرة وكبيرة.. في رزقنا وعافيتنا وأولادنا وحياتنا بكل مفرداتها، وما خفي علينا أكثر وأكثر؛ فإن أحق الناس بالزيادة في النعمة هم أهل الشكر، وأنسب أوقات الشكر حينما يقترب المنعم وينزل إلى السماء الدنيا؛ ولذلك كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعلِّل قيامه ويقول: "أفلا أكون عبدًا شكورًا" أي: أفلا أشكر الله عز وجل؟!



    فقم أخي ليلك بنية ذكر الله ونية الاستغفار، ونية الشكر تبسط لك النعم، ويبارك لك في مالك وعافيتك وأهلك وولدك وبيتك وشأنك كله.



    ما يعينك على قيام الليل

    أولاً: الإقلال من الطعام

    فإن كثرة الطعام مجلبةٌ للنوم، ولا يتيسر قيام الليل إلا لمن قل طعامه، ولقد بيَّن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حد الشبع وآدابَه، فقال: "ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالةَ فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلثٌ لنفسه" (رواه أحمد ).



    قال عبد الواحد بن زيد: من قوي على بطنه قوي على دينه، ومن قوي على بطنه قوي على الأخلاق الصالحة، ومن لم يعرف مضرته في دينه من قِبَل بطنه فذلك رجل من العابدين أعمى، وقال وهب بن منبه: ليس من بني آدم أحب إلى الشيطان من الأكول النوَّام، وقال سفيان الثوري: عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل.

    وجدت الجوع يطرده رغيف وملء الكفء من ماء الفرات
    وقل الطعم عون للمصلي وكثر الطعم عون للسبات


    ثانيًا: الاستعانة بالقيلولة

    فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد وجَّه إلى الاستعانة بها ومخالفة الشياطين بها، فقال: "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل" (رواه الطبراني وهو في السلسلة الصحيحة)، ومر الحسن بقوم في السوق فرأى صخبهم ولغطهم، فقال: أما يقيل هؤلاء؟! قالوا: لا.. قال: إني لأرى ليلَهم ليلَ سوء، وقال إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: القائلة من عمل أهل الخير، وهي مجمَّة للفؤاد، مقواة على قيام الليل.



    ثالثًا: الاقتصاد في الكدِّ نهارًا

    والمقصود به عدم إتعاب النفس بما لا ضرورة منه ولا مصلحة فيه، كفضول الأعمال والأقوال ونحوها، أما ما يستوجبه الكسب والحياة من الضرورات ولا غِنَى للمرءِ عن الكدِّ لأجله فيقتصد فيه بحسب ما تتحقق به المصالح.



    رابعًا: اجتناب المعاصي

    فالمعصية تُقعد عن الطاعة، وتُوجب التشاغل عن العبادات، وتَحرِم المؤمن من التوفيق إلى النوافل والفضائل؛ ولذلك تواتر عن السلف القول إن المعاصي تحرم العبد من القيام.. قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد، إني أبيت معافًى، وأحب قيام الليل، وأُعد طهوري، فما بالي لا أقوم؟! قال: ذنوبك قيَّدتْك، وقال الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبتُه، قيل وما هو؟! قال رأيت رجلاً يبكي فقلت في نفسي هذا مُراءٍ، وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: إني لا أقدر على قيام الليل فصِف لي دواءً؟ قال: لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه بالليل، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف.



    خامسًا: سلامة القلب من الأحقاد

    سلامة القلب من الأحقاد على المسلمين، ومن البدع وفضول هموم الدنيا، فإن ذلك يشغل القلب ويضغط عليه، فلا يكاد يهتم بشيء سواه.

    سادسًا: خوف غالب

    أي لزوم القلب أن يتذكر قصر الأمل، فإنه إذا تفكر أهوال الآخرة ودركات جهنم طار نومه وعظم حذره.

    سابعًا: الوقوف على فضائل القيام وثمراته

    لأنها تهيِّج الشوق، وتُعلي الهمة، وتُحيي في النفس الطمع في رضوان الله وثوابه، وقد تقدم ذكر أهمها.

    ثامنًا، وهو أشرف البواعث: حب الله وقوة الإيمان

    لأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناجٍ به، والله مطلع عليه، مع مشاهدة ما يخطر بقلبه، وأن تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه، فإذا أحب اللهَ تعالى أحب لا محالةَ الخلوةَ به وتلذذ بالمناجاة، فتحمله لذة المناجاة للحبيب على طول القيام.


    أخي في الله: إن دعوة الإسلام اليوم لا تعتلي حتى يذكي دعاتها شعلهم بليل، ولا تشرق أنوارها فتبدد ظلمات جاهلية القرن الحالي ما لم تلهج بـ"يا حي يا قيوم"، وهذه وصية الإمام البنا "دقائق الليل غالية، فلا ترخِّصوها بالغفلة".. "إن النصر حُجب عنا لأننا لم نقدم بين يدي الله همسًا في الأسحار، ولا الدمع المدرار، وإنما النصر هبة محضة، يقر الله بها عين مَن يشاء من رجال مدرسة الليل في الحياة الدنيا"، ووصفهم ابن القيم قائلاً:


    يحيون ليلهم بطاعة ربهم بتلاوة بتضرع وسؤال

    وعيونهم تجري بفيض دموعهم مثل انهمال الوابل الهطال

    في الليل رهبان وعند جهادهم لعدوهم من أشجع الأبطال

    بوجوههم أثر السجود لربهم وبها أشعة نوره المتلالي



    وهيا بنا ننفض غبار النوم عنا، ونسعد بأوقات السحر، ونسعد الآخرين بما يحققه الله على أيدينا وأيديكم من فتح، يعزُّ فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية، ويقولون متى هو؟! قل عسى أن يكون قريبًا.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.



    وبعد هذا العرض للأحاديث والفوائد التربوية والسلوكية المستفادة، نتمنَّى من الله أن تتحول هذه المعاني والفوائد إلى سلوكيات عملية في حياتنا؛ حتى نسعد في الدنيا والآخرة، ونكونَ ممَّن يضحك الله سبحانه وتعالى إليهم.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

يعنى إية إسلام ؟



الأحد، 17 مارس 2013


أركان الإسلام


  1.  شهادة أنّ لا إله إلا الله وأنّ محمداً عبده ورسوله 
  2.  إقامة الصلاة
  3.   إيتاء الزكاة
  4.   صوم رمضان
  5. حج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً

أركان الإيمان الستة


وتشمل العقيدة على ستة أقسام:
  •     الإيمان بالله

  •     الإيمان بالملائكة
  •     الإيمان بالكتب السماوية

  •     الإيمان بالرسل

  •     الإيمان باليوم الآخر

  •     الإيمان بالقدر خيره وشره



عقيدة

أصل العقيدة في اللغة مأخوذ من الفعل عقد، نقول عقد البيع واليمين والعهد أكّده ووثّقه. وعقد حكمه على شيء لزمه. ومنه الفعل اعتقد بمعنى صدّق. يقال اعتقد فلان الأمر إذا صدّقه وعقد عليه قلبه أي آمن به. ويفهم من هذا أن العقيدة في اللغة تأتي بمعنيين الأول: العقيدة بمعنى الاعتقاد، فهي التصديق والجزم دون شك، أي الإيمان. الثاني: العقيدة بمعنى ما يجب الاعتقاد به. ومن هنا يقولون الإيمان بالملائكة من العقيدة، أي مما يجب الاعتقاد به.
يطلق على ما يؤمن به مسلمي أهل السنة والجماعة من أمور التوحيد وأصول الإيمان. وأن تعلم العقيدة فرض عين على كل مسلم فقد قال الله في سورة الزمر: Ra bracket.png وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ Aya-65.png La bracket.png
أما ""العقيدة اصطلاحاً:"" فهي التصور الإسلامي الكلي اليقيني عن الله الخالق، وعن الكون والإنسان والحياة، وعما قبل الحياة الدنيا وعّما بعدها، وعن العلاقة بين ما قبلها وما بعدها. فالعقيدة تتناول مباحث الإيمان والشريعة وأصول الدين والاعتقاديات كالإيمان الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وسائر ما ثَبَتَ من أُمور الغيب، وأُصول الدين، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم التام لله تعالى في الأمر، والحكم، والطاعة، والاتباع لرسوله.فالعقيدة الصحيحة هي الأساس الذي يقوم عليه الدين وتصح معه الأعمال. وهي الثوابت العلمية والعمليه التي يجزم ويوقن بها المسلم.

Copyright @ 2013 إسلام .