‏إظهار الرسائل ذات التسميات فتاوى و أحكام. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فتاوى و أحكام. إظهار كافة الرسائل

السبت، 15 يونيو 2013

يدرك الجمعة من فاتته الركعة الأولى

السلام عليكم

السؤال
سؤالي لحضراتكم فيه قليل من الإحراج: شخص يعاني أحياناً مما يسمى بالغازات أو الريح الذي ينقض الوضوء ـ ليس باستمرار ـ والمشكلة أنه أحياناً يأتي يوم الجمعة ولا ينفع معه دخول هذا الشخص للخلاء قبل الصلاة بفترة ومحاولة قضاء حاجته والمكوث في الخلاء لوقت ليس بالقصير على أمل أن يفرغ أمعاءه مما قد يسبب في هذه الغازات، وما يحدث أحياناً أنه قد يضطر بعد قضاء مدة غير قليلة في الخلاء دون إخراج شيء يُذكر، فيضطر للاغتسال للجمعة والذهاب للصلاة لقرب وقت الأذان، وهنا تحصل المشكلة أثناء الخطبة التي قد تستغرق نحو ساعة إلا ربعا، فتبدأ معاناته مع الريح أو الغازات ولا يدري ما يفعل، خصوصاً مع صعوبة ضبط وقت مناسب يتوضأ فيه لا يخرج منه ريح بعده، بل أحياناً لا يهرع إلى الوضوء إلا بعد الإقامة وتفوته تكبيرة الإحرام من صلاة الجمعة وربما الركعة الأولى!! مع العلم أنه ربما كان متواجداً في المسجد بفضل الله وحده قبل صعود الإمام على المنبر قبل الأذان، وأحياناً تبدأ نفسه تحدثه هل هذا ريح أم لا؟ وهل انتقض وضوؤه أم قد حبسها؟ ويبدأ يتردد هل هذا من حديث نفسه؟ أم من الشيطان؟ أم هو أمر حقيقي؟ ويحاول إقناع نفسه أنه وهم عن هوى للمشقة التي قد يجدها من الوضوء المتكرر، مع العلم أنه أحياناً يتناول بعض الدواء من أقراص طبية لعلاج هذا الأمر، ولكنه لا يأتي غالباً بنتيجة فعالة، فما الذي تنصحون بفعله؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 
فإن كان هذا الرجل مصابا بالوسوسة فليعرض عن الوساوس ولا يلتفت إلى شيء منها، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم، وعليه ألا يحكم بانتقاض وضوئه إلا إذا تيقن يقينا جازما يستطيع أن يحلف عليه أن وضوءه قد انتقض، فإن بقاء الطهارة يقين، وهو لا يزول بمجرد الشك، 
فإذا حصل له هذا اليقين الجازم بانتقاض طهارته فعليه حينئذ أن يتوضأ، ولا عليه إن فاتته تكبيرة الإحرام من الجمعة أو حتى إن فاتته الركعة الأولى وهو بذلك مدرك للجمعة، فإنها تدرك بإدراك ركعة منها، ولا يضيع عليه ـ إن شاء الله ـ أجر تبكيره للجمعة، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وليهون على نفسه ولا يكن في حرج وضيق، فالخطب يسير إن شاء الله.
والله أعلم.

السبت، 13 أبريل 2013

السلام عليكم

التربية على حب النبي صلى الله عليه وسلم


بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومَن والاه.
أما بعد:
فإن من فضل الله - عز وجل - على هذه الأمّة أن جعلَها آخر الأمم وأفضلَها؛ كما جاء في الحديث: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة))[1]، وجعل نبيَّها أفضل الرسل والأنبياء وخاتَمَهم، وجعل حبَّه - صلى الله عليه وسلم - دينًا ندين الله - عز وجل - به، ونتقرَّب به إليه.

وفي هذا المقال سيكون حديثُنا عن كيفية تنشئةِ النفس وتربيتِها على حبِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمن وسائل التربية على حبِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -:


 أن يعلم كلُّ مسلمٍ أنه لن يدخل الجنةَ إلا عن طريق اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تُقبَل منه عبادةٌ إلا إذا كانتْ موافقةً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مشرعًا، أو شارحًا، أو مفصلًا؛ كما قال ربنا - جل وعلا -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31]، واتِّباع سنتِه يكون بالاقتداء بهَدْيِه وسَمْتِه وما ثبت عنه.

قال شيخ الإسلام: 

"وقاعدتنا في هذا الباب أصحُّ القواعد؛ إن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانتْ مأثورة أثرًا يصحُّ التمسك به، لم يكره شيء من ذلك، بل يشرع ذلك كله"[2].

وقال: "وهو أن ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنواع متنوعة، وإن قيل: إن بعض تلك الأنواع أفضل؛ فالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة أفضلُ من لزوم أحد الأمرين، وهجر الآخر… إلخ"[3].

 من وسائل التربية على حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - معرفةُ قدرِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند ربه - عز وجل -:

إنَّ شأنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الله لعظيمٌ، وإن قدرَه لكريمٌ؛ فلقد اختاره الله - تعالى - واصطفاه على جميع البشر، وفضَّله على جميع الأنبياء والمرسلين، وشرح له صدره، ورفع له ذكرَه، ووضع عنه وِزْرَه، وأعلى له قدرَه.

وزكَّاه في كل شيء: 
زكَّاه في عقله، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2].
وزكَّاه في صدقه، فقال - سبحانه -: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3].
وزكَّاه في بصره، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17].
وزكَّاه في فؤاده، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11].
وزكَّاه في صدره، فقال - سبحانه -: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1].
وزكَّاه في ذِكْره، فقال - سبحانه -: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4].
وزكَّاه في طُهْره، فقال - سبحانه -: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ﴾ [الشرح: 2].
وزكَّاه في حلمه، فقال - سبحانه -: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
وزكَّاه في علمه، فقال - سبحانه -: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5].
وزكَّاه في خُلُقه، فقال - سبحانه -: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

ثم أخبر عن منزلته في الملأ الأعلى عند رب العالمين، وعند الملائكة المقرَّبين، فقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾ [الأحزاب: 56]، ثم أمر أهلَ الأرض من المؤمنين بالصلاةِ والسلام عليه؛ ليجتمع له الثناءُ من أهل السماء وأهل الأرض، فقال - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَثَلي ومَثَل الأنبياءِ قبلي كمَثَل رجلٍ بَنَى بنيانًا فأحسنَه وأَجْمَله، إلا موضع لَبِنَة من زاوية من زواياه، فجعل الناسُ يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلاَّ وُضِعتْ هذه اللَّبِنة! قال: ((فأنا اللَّبِنة، وأنا خاتم النبيين)) [4].

 من وسائل التربية على حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - تذكُّرُ رحمتِه ورأفتِه على أمته؛ فالنفس مفطورة على حبِّ مَن أحبها، ومَن أحسن إليها، فمن ذلك ما جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ يومًا قولَ الله في إبراهيم: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، وقرأ قولَ الله في عيسى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]؛ فبكى - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله إليه جبريلَ - عليه السلام - وقال: ((يا جبريل، سَلْ محمدًا ما الذى يُبْكيك؟)) - وهو أعلم - فنزل جبريل، وقال: ما يُبْكِيك يا رسول الله؟ قال: ((أمتي .. أمتي يا جبريل))، فصَعِد جبريل إلى المَلِك الجليل، وقال: يبكى على أمتِه، والله أعلم، فقال لجبريل: ((انزل إلى محمدٍ، وقل له: إنا سنُرضِيك فى أمتِك))[5].

جاء عند مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختَبِئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة))[6].

وجاء عند البخاري أن رجلاً أصاب من امرأةٍ قُبْلة، فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأنزل الله:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، فقال الرجل : يا رسول الله، أَلِي هذا؟ قال: ((لجميع أمتي كلِّهم)) [7].

 ومن وسائل تربية النفس على حب النبي - صلى الله عليه وسلم - تذكُّر شفاعتِه لأمته يوم القيامة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يجمع الله الناسَ يوم القيامة فيهتمُّون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربِّنا حتى يُرِيحَنا من مكاننا هذا، قال: فيأتون آدم - عليه السلام - فيقولون: أنتَ آدمُ أبو الخلق، خلقَك الله بيدِه، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفعْ لنا عند ربِّك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لستُ هُنَاكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيَسْتَحْيِي ربَّه منها، ولكن ائتوا نوحًا أولَ رسولٍ بعثه الله، فيأتون نوحًا - عليه السلام - فيقول: لستُ هُنَاكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيَسْتَحْيِي ربَّه منها، ولكن ائتُوا إبراهيم - عليه السلام - الذي اتَّخذه الله خليلًا، فيأتون إبراهيم - عليه السلام - فيقول: لستُ هُنَاكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيَسْتَحْيِي ربَّه منها، ولكن ائتُوا موسى - عليه السلام - الذي كلَّمه الله، وأعطاه التوراة، فيأتون موسى - عليه السلام - فيقول: لستُ هُنَاكم، ويذكر خطيئته التي أصاب فيَسْتَحْيِي ربَّه منها، ولكن ائتُوا عيسى روحَ الله وكلمتَه، فيأتون عيسى روح الله وكلمته، فيقول: لستُ هُنَاكم، ولكن ائتُوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عبدًا قد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فيأتوني، فأستأذنُ على ربِّي، فيُؤذَن لِي، فإذا أنا رأيتُه، وقعتُ ساجدًا فيَدَعُنِي ما شاء الله، فيقال: يا محمد، ارفعْ رأسَك، قُلْ تُسْمَع، سَلْ تُعْطَه، اشفعْ تشفَّعْ، فأرفعُ رأسي فأحمدُ ربِّي بتحميدٍ يعلِّمُنيه ربي، ثم أشفعُ فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُخرِجهم من النار، وأُدخِلهم الجنة، ثم أَعُود فأَقَع ساجدًا، فيَدَعُنِي ما شاء الله أن يَدَعَنِي، ثم يقال: ارفعْ رأسَك يا محمدُ، قُلْ تُسْمَع، سَلْ تُعْطَه، اشفعْ تشفَّعْ، فأرفعُ رأسي فأحمدُ ربي بتحميدٍ يعلِّمُنيه، ثم أشفعُ فيَحُدُّ لي حدًّا فأُخرِجهم من النار، وأُدخِلهم الجنة، قال – الرواي -: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال: فأقول: يا ربِّ ما بَقِي في النارِ إلا مَن حبسه القرآن))؛ أي: وَجَب عليه الخلود [8].

فالشفاعة العظمى يوم القيامة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشفاعة لعُصَاة أمتِه - صلى الله عليه وسلم - كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي))[9] .

وشفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تُنَال بأسباب؛ منها:

 الإخلاص في قول كلمة التوحيد، وذلك عن طريق تحقيق التوحيد لله - عز وجل - وعدم الإشراك به؛ فقد جاء من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((أسعدُ الناس بشفاعتي مَن قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه)) [10].

• الترديد مع الأذان وقول الدعاء الوارد؛ لحديث جابر مرفوعًا: ((إذا سَمِعتُم النداءَ، فقولوا مثلَ ما يقول ثم صلُّوا عليَّ؛ فإنه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثم سَلُوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فمَن سأل لي الوسيلة حلَّتْ له الشفاعة))[11].

 كثرة صلاة النافلة؛ فقد جاء في حديث ربيعة بن كعب قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سَلْنِي أُعْطِك))، قلتُ: يا رسول الله، أنظرني أنظر في أمري، قال: ((فانظرْ في أمرك))، قال: فنظرت، فقلت: إن أمر الدنيا ينقطعُ فلا أرى شيئًا خيرًا من شيء آخذه لنفسي لآخرتي، فدخلتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ما حاجتُك؟))، فقلت: يا رسول الله؛ اشفعْ لي إلى ربِّك - عز وجل - فليعتقني من النار، فقال: ((مَن أمرك بهذا؟))، فقلتُ: لا والله يا رسول الله، ما أمرني به أحدٌ، ولكني نظرتُ في آمري فرأيتُ أن الدنيا زائلةٌ من أهلها، فأحببتُ أن آخذ لآخرتي، قال: ((فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجود))[12].

 الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - عشرًا في الصباح والمساء، عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن صلَّى على حين يُصبِح عشرًا، وحين يمسي عشرًا؛ أدركتْه شفاعتي يوم القيامة))[13].

 ومن وسائل تربية الناشئة على حبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - معرفةُ سيرتِه، وبيان هَدْيِه، وخُلُقه، وفضله، وما اشتملتْ عليه هذه النفس من رحمةٍ ورأفةٍ للمؤمنين.

كان الزهري - رحمه الله - يقول:
 في علم المغازي علم الآخرة والدنيا [14].

وقد بلغ من حرصِهم على تعليم أولادهم سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسراياه، أنهم جعلوها قرينةَ القرآن الكريم من حيث الأولوية، يقول زين العابدين علي بن الحسين - رضي الله عنه -:
 كنا نُعلّم مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - وسراياه كما نعلّم السورة من القرآن [15].

وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عن الجميع - قال :
كان أبِي يعلِّمنا المغازي ويعدُّها علينا، ويقول : يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيِّعوا ذكرها"[16].

فنجد مما سبقَ محطاتٍ نتزوَّد بها لحياةٍ مليئةٍ بحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما عاشها الصحابة والسلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم - فعن عبدة بنت خالد بن معدان قالت: ما كان خالد يأوي إلى فراشٍ إلا و هو يَذكُر من شوقِه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى أصحابه من المهاجرين والأنصار يسمِّيهم، ويقول : هم أَصْلِي وفصلي، وإليهم يحنُّ قلبي، طال شوقي إليهم، فعجِّل ربي قبضي إليك حتى يغلبه النوم.

وقال إسحاق التجيبي: 

كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرَّتْ جلودهم، وبكوا، وقال مالك - وقد سئل عن أيوب السختياني -: ما حدثتُكم عن أحدٍ إلا وأيوب أفضلُ منه، وقال : وحجَّ حجتين فكنت أرمقه، ولا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكى حتى أرحمه.

وقال مصعب بن عبدالله:

كان مالكٌ إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - يتغيَّر لونُه، وينحنِي حتى يصعب ذلك على جلسائه، فقيل له يومًا في ذلك، فقال: لو رأيتُم ما رأيتُ لَمَا أنكرتُم عليَّ ما ترون، ولقد كنتُ أرى محمد بن المُنْكَدِر - وكان سيد القراء - لا نكاد نسألُه عن حديثٍ أبدًا إلا يبكي حتى نرحمه.

وقال ثابت البناني لأنس بن مالك - رضي الله عنه -: 
أعطني عينيك التي رأيتَ بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبِّلَها.

وعن جُبَير بن نفير عن أبيه قال:

جلسنا إلى المِقْدَاد بن الأسود يومًا فمرَّ به رجلٌ، فقال: طوبَى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لوَدِدْنا أنَّا رأينا ما رأيتَ وشَهِدنا ما شهدت.

اللهم اجعلنا من صالحي أمته، واحشُرْنا يوم القيامة في زُمْرَته، سبحانك ربِّك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

الاثنين، 8 أبريل 2013

السلام عليكم
السلام في الإسلام
مسألة: استعملت كلمة السلم والسلام في الإسلام كتاباً وسنة في موارد كثيرة منها:
السلام من الأسماء الحسنى
إن (السلام) من أسماء اللـه الحسنى، قال تعالى: (هُوَ اللـه الّذِي لاَ إِلـه إِلاّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ هُوَ الرّحْمـَنُ الرّحِيمُ ( هُوَ اللـه الّذِي لاَ إِلـه إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدّوسُ السّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبّرُ سُبْحَانَ اللـه عَمّا يُشْرِكُونَ ( هُوَ اللـه الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوّرُ لـه الأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ يُسَبّحُ لـه مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(1).
لأن اللـه عزوجل خالق السلم والسلام، ويضمن ذلك للناس بما شرعه من مبادئ، وبما رسمه من خطط ومناهج، وبمن بعثهم من أنبياء وأوصيائهم (عليهم السلام)، وبما أنزلـه من كتب، فهو تعالى مصدر السلم والسلام، والخير والفضيلة.
قال الإمام الباقر (عليه السلام): «إن السلام اسم من أسماء اللـه عزوجل»(2).
السلام في سورة القدر
ويظهر من الآية المباركة في سورة القدر أن اللـه تعالى يقدر(السلام) في كل شيء ولكل شخص، وإنما الإنسان نفسه هو الذي يحرّف السلام عن مجراه الطبيعي بسوء اختياره، أو بني نوعه، أو بعض عوامل الطبيعة مما هي خاضعة لقانون الأسباب والمسببات.
قال سبحانه: (إِنّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ( وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ( تَنَزّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ( سَلاَمٌ هِيَ حَتّىَ مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(3).
فإن الملائكة في ليلة القدر يأتون بمقدّرات العباد وبكل ما يكون في السنة المقبلة، إلى خليفة اللـه في الأرض (عليه السلام) وحجته على عباده، غائباً مستوراً أو ظاهراً مشهوداً، ويكون ذلك سلاماً في كل أمر، سواء كان السلام فردياً أم اجتماعياً، وسواء كان في المال (السلام الاقتصادي) أم في الأسرة كسلام الزوج والزوجة، وسلام الآباء والأولاد، أم في الصحة بدنيا أو نفسياً، أم غير ذلك.
إلى غيرها من الآيات الشريفة والروايات الكثيرة التي وردت بلفظ السلم والسلام وسائر المشتقات منهما.
مصدر كلمة الإسلام واشتقاقها
ثم إن لفظ (الإسلام) مأخوذ من مادة السلم والسلام، وذلك كتناسب الحكم والموضوع، لأن السلام والإسلام يلتقيان في توفير الطمأنينة والأمن والسكينة والتقدم، كما قال سبحانه: (الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ)(4).
خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) حامل لواء السلام
وحامل هذه الرسالة خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو حامل راية السلم والسلام، لأنه يحمل إلى البشرية الهدى والنور، والخير والرشاد، والرحمة والرأفة. وهو يحدث عن نفسه فيقول: »إنما أنا رحمة مهداة«(5)، ويحدث القرآن عن رسالته فيقول: (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لّلْعَالَمِينَ)(6)، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): »إن اللـه بعثني هدى ورحمة للعالمين…«(7) فإن الرحمة والسلم والسلام جاء بها الإسلام للناس كافة.
وكثرة تكرار لفظ السلام على هذا النحو، مع إحاطته بالجو الديني النفسي، من شأنه أن يوقظ الحواس جميعها، ويوجه الأفكار والأنظار إلى المبدأ السلمي العظيم.
السلام تحية الإسلام
كما إن الإسلام جعل (السلام) شعاراً لـه واختاره تحية للمسلمين، حيث إن المسلم إذا التقى بمسلم قال: (سلام عليكم) أو ما أشبه ذلك من الصيغ المذكورة في باب السلام وأحكامه(8).
وتحية اللـه للمؤمنين تحية سلام: (تَحِيّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ)(9).
وتحية الملائكة للبشر في الآخرة سلام: (وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ ( سَلاَمٌ عَلَيْكُم)(10).
وتحية المؤمنين بعضهم لبعض في الجنة هي سلام: {لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً ( إِلاّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً}(11).
الصلاة تنتهي بالسلام
وفي آخر كل صلاة يذكر المصلي لفظ (السلام) ثلاث مرات، فتبدأ الصلاة بتكبيرة الإحرام وتنتهي بالسلام، حيث نقول: (السلام عليك أيها النبي ورحمة اللـه وبركاته) وهو سلام على القائد الأعلى.
كما نقول بعد ذلك: (السلام علينا وعلى عباد اللـه الصالحين) وهو سلام على المجموعة الصالحة من العباد.
و(السلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته) وهو سلام على جميع من ينطبق عليه الخطاب.



    السلام عليكم اخوتي في الله

    الحب بين المسلمين



الحمد لله العلي الأعلى،وأشهد أنلا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى .. اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه ،وعلى آله وأصحابه أولي التقوى .
أما بعد ،فيا أيها المسلمون .. أوصيكم ونفسي بتقوى الله - جل وعلا - فمن اتقاه وقاه ،وجعلله من كل ضيق مخرجا .
إخوة الإسلام .. من أعظم مقاصد الإسلام تحقيقُ المحبة بين المسلمين ،قال - تعالى - : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ .. الحجرات 10 ، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - يقول : "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم ،كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" رواه مسلم ، فمن أصولتحقيق هذا المقصد الأسمى الحث الأكيد والحض الشديد على سلامة الصدور من الأحقاد والضغائن ،وتطهيرها من الغل والتشاحن .. يقول ربنا - جل وعلا - واصفاً عبادَه المؤمنين : وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ الحشر10، فالنجاة في الآخرة والفوز بالجنة لا يكون إلا بقلب سليم من الغش والحقد ومن الحسد ،خالٍ من الغل والضغينة .. يقول - سبحانه - : يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ الشعراء 88 – 89 ،سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أي الناس أفضل ؟قال : "كل مخموم القلب صدوق اللسان" قالوا : صدوق اللسان نعرفه ،فما مخموم القلب ؟قال :"هو التقي النقي لا إثم فيهولا بغي ،ولا غل ولا حسد" رواه ابن ماجه بسند جيد .
واسمعوا لهذا الحديث العظيم الذي ينبغي أن نتخذه نبراساً لقلوبنا ،ضياء يسيِّر اتجاهاتنا وإراداتنا في وقت تعصف بالأمة أمواج المحن والفرقة والشقاق ،عن أنس - رضي الله عنه - قال : كنا جلوسا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال : "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ،فطلع رجل من الأنصار تنطفلحيته من وضوئه وقد تعلق نعليه في يده ،فلما كان الغد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك ،فطلع ذلك الرجل كما طلع في المرة الأولى ،فلما كان في اليوم الثالث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مقالته تلك ،فطلع ذلك الرجل على مثل حالته ..ففي قصة طويلة أن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين - تبعه وبات معه ثلاث ليال ،وكان عبد الله يحدث أنه لم ير لذلك الرجل كثير عمل عن غيره من الصحابة ،إلا أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله وكبره حتى يقوم لصلاة الفجر ،ثم إن عبد الله أخبره بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه فقال عبد الله : فلم أرك تعمل كثير عمل ،فما الذي بلغ بك ما قاله رسول الله - صلىالله عليه وسلم - ؟فقال: ما هو إلا ما رأيت ،غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا،ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه ،فقال عبد الله : هذه هي التي بلغت بك" رواه أحمد ،والحديث سنده حسن عند أهل العلم .
إخوة الإسلام .. من أخطر شيء على دين الإسلام وعلى المسلمين ،من أخطر شيء على دين المسلم وعلى المسلمين جميعا أن تمتليء القلوب على المسلمين غلا وحقدا،وحسدا وغشا .. قال - صلى الله عليه وسلم - : "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ،فيقول الله - جل وعلا - : أنظروا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم .
معاشر المسلمين .. اجعلوا شعاركم في جميع مجالات الحياة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" متفق عليه ،فحينئذ تسعد الأمة أفراداً وجماعات .
معاشر المسلمين .. احذروا من نقل كلام الآخرين بما يفسد المحبة ويفرق الألفة ؛فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : "لا يدخل الجنةَ قَتَّاتٌ"؛أي نمام متفق عليه ، وتجنبوا الكلام البذيء والقول السيء ؛فإن الكلمة السيئة تورث التباغض ،وتعكر صفاء القلوب ،فربنا - جل وعـلا - يقـول : وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِينا الإسراء53 ، وتجنبوا - أيها المسلمون - تجنبوا الجدل إلا بعلم وحسن نية بالله - جل وعلا - يحيط ذلك حسن تعبير وطيب كلام ،وإلا فالمراء والجدل يورث الفرقة بعد الألفة ،والوحشة بعد الأنس .. قال الإمام مالك - رضي الله عنه - :" المراء يقسي القلوب ،ويورث الضغائن " ..
فكفى - أيها المسلمون - على صعيد الأفراد والإعلام والمجتمعات ،كفى جدالا يورث ضغينة وحقدا ،كما ينبغي على المسلم أن يمسك عن كثرة المزاح ؛فإنه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح كما قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - وكن أيها المسلم ذا ظن حسن بإخوانك المسلمين ؛فقد قال الفاروق عمر - رضي الله عنه - :" لا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءا،وأنت تجدلها في الخيرمحملا " .. ومتى وجدت في قلبك - أيها المسلم - على أخيك شيئالموقف ما ،فعليك إبلاغه بالحسنى وعاتبه باللفظ اللطيف ،فمن محاسن الأقوال :" العتاب الحسن حدائق المتحابين ،ودليل على بقاء المودة " .
إخوة الإسلام .. ومن الداء العضال في أوساط المجتمعات الإسلامية ،والذي يملأ الصدور غلا والقلوب حقدا داءُ حب الشهرة ،والحرص على المناصب والرئاسات .. قال الفضيل - رحمه الله - :" ما من أحدأحب الرئاسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس ،وكره أن يُذْكرَ أحدٌ بخير " .. فكن - أيها المسلم - راضيا بما أعطاك الله ،فذلك مفتاح السلامة والنجاة .. يقول - جل وعلا- : وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً النساء 32 .
بارك الله لي ولكم في الوحيين ،أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ،فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه،والشكر له على توفيقه وامتنانه ،وأشهد أنلا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه .. اللهم صل وسلم وبارك عليه ،وعلى آله وأصحابه .
أما بعد ،فيا أيها المسلمون .. اتقوا الله - جل وعلا - تفلحوا وتفوزوا .
بعدأيام يهل على المسلمين بإذن الله - جل وعلا - شهر رمضان .. بلغنا الله وجميع المسلمين صيامَه وقيامَه .
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبشِّر به أصحابه كما ورد بذلك الخبر الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كانالنبي - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه ،فيقول : "قد جاءكم شهرُ رمضانَ شهرٌ مبارك " .. الحديث ، وكان من دعاء السلف : " اللهم سلمنا إلى رمضان ،وسلم لنا رمضان ،وتسلمه منا متقبلا يا رحمن " .. فكن - أيها المسلم - جوادا بالخير ،مسارعا إلى الصالحات في أيام عمرك كلها ،وكن أجود وأجود في رمضان؛ففي الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس ،وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن،وكان جبريل يلقاه كل ليلةمن رمضان فيدارسه القرآن،فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ".. فاعمروا هذا الشهر بتلاوة القرآن والصلاة ،والصدقة والإحسان ،وتقربوا فيه بكل ما يرضي الرحمن ،واحذروا الغفلة والعصيان ،والتفريط في طاعة المنان .
ثم اعلموا أن الله أمرنا بأمر عظيم ،ألا وهو - الصلاة والسلام - على النبي الكريم ..
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن الآل وعن الصحابة أجمعين ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
اللهم أعز المسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم وأذل الشرك والمشركين . اللهم وأذل الشرك والمشركين . اللهم من أراد المسلمين بسوء فأشغله في نفسه . اللهم من أراد المسلمين بسوء فأشغله في نفسه . اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين بالإيمان . اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين بالإسلام . اللهم اجعلنا إخوة متحابين على طاعة الرحمن .

اللهمَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ .
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات .. الأحياء منهم والأموات . اللهم بلغنا شهر رمضان . اللهم بلغنا وجميع المسلمين شهر رمضان . اللهم أدخله علينا بالأمن والإيمان والطاعة والإحسان يا رحمن يا رحيم ،يا ذا الجلال والإكرام .
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه . اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين لما فيه خير رعاياهم . ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار . اللهم أنت الغني الرحيم . اللهم أنت الغني الحميد . اللهم أنزل علينا الغيث ،ولا تجعلنا من القانطين .
اللهم أنزل علينا الغيث ،ولا تجعلنا من القانطين . اللهم أنزل علينا الغيث ،ولا تجعلنا من القانطين .
عباد الله .. اذكروا الله ذكرا كثيرا ، وسبحوه بكرة وأصيلا .


السبت، 6 أبريل 2013

أنواع الطلاق وأحكامه وكيفية وقوعه


ماهي الطلقة الأولى وكيف تحدث وما يتبعها من التزامات على الزوجين حتى يرجعا لبعضهما وكيف ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالطلاق مشتق لغة: من الإطلاق وهو الإرسال والترك ومنه طلقت البلاد أي تركتها، ويقال: طلقت الناقة: إذا سرحت حيث شاءت، والإطلاق: الإرسال.
وشرعاً: حل قيد النكاح أو بعضه. وهو جائز بنص الكتاب العزيز، ومتواتر السنة المطهرة، وإجماع المسلمين، وهو قطعي من قطعيات الشريعة ولكنه يكره مع عدم الحاجة، وقد أخرج أحمد والترمذي وحسنه من حديث ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. 
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابغض الحلال إلى الله الطلاق. قال في الحجة البالغة: .... ومع ذلك لا يمكن سد هذا الباب والتضييق فيه فإنه قد يصير الزوجان متناشزين إما لسوء خلقهما ... أو لضيق معيشتهما ... ونحو ذلك من الأسباب، فتكون إدامة هذا النظم مع ذلك بلاء عظيماً وحرجاً. انتهى.
إذا عرفت هذا فالطلاق منه ما هو محرم بالكتاب والسنة والإجماع ومنه ما ليس بمحرم، فالطلاق المباح باتفاق العلماء ـإذا كانت ممن يحيض- أن يطلق الرجل امرأته طلقة واحدة إذا طهرت من حيضتها بعد أن تغتسل وقبل أن يطأها ثم يدعها فلا يطلقها حتى تنقضي عدتها وهذا الطلاق يسمى طلاق السنة، وإن كانت المرأة ممن لا يحضن لصغرها أو كبرها أو كانت حاملا فإنه يطلقها متى شاء سواء كان وطئها أو لم يكن وطئها فإن هذه عدتها ثلاثة أشهر، ففي أي وقت طلقها لعدتها فإنها لا تعتد بقروء ولا بحمل.
وإن طلقها في الحيض أو طلقها بعد أن وطئها وقبل أن يتبين حملها فهذا الطلاق محرم ويسمى طلاق البدعة وهو حرام بالكتاب والسنة والإجماع، وإن كان قد تبين حملها وأراد أن يطلقها: فله أن يطلقها، ويملك الزوج ثلاث تطليقات، لقول الله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة: 229]،إلى قوله: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230]
قال الإمام ابن كثير ـرحمه الله-: هذه الآية الكريمة رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة، فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات قصرهم الله إلى ثلاث طلقات، وأباح الرجعة في المرة والثنتين، وأبانها بالكلية في الثالثة. 
فإن أراد أن يرتجع مطلقته التي طلقها دون الثلاث في العدة فله ذلك بدون رضاها ولا رضا وليها ولا مهر جديد، وعليه النفقة والسكنى لها مادامت في العدة ولم يكن طلاقها مقابل عوض، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء وإن تركها حتى تنقضي العدة فعليه أن يسرحها بإحسان وقد بانت منه، فإن أراد أن يتزوجها بعد انقضاء العدة جاز له ذلك لكن يكون بعقد كما لو تزوجها ابتداء أو تزوجها غيره، وأول هذه التطليقات الثلاث التي يملكها هي الطلقة الأولى، ثم إذا ارتجعها في العدة أو تزوجها بعد العدة وأراد أن يطلقها فإنه يطلقها الطلقة الثانية ثم إذا ارتجعها أو تزوجها وأراد أن يطلقها
فإنه يطلقها الطلقة الثالثة فإذا فعل ذلك، حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره
وما ذكرنا من أحكام الطلاق فهو في الزوجة المدخول بها، أما إذا طلق زوجته قبل الدخول بها أو الخلوة بها طلقة واحدة بانت منه ـ أي لم تحل له إلا بعد نكاح جديد ـ وليس له رجعتها لأن الرجعة إنما تكون في العدة وهذه لا عدة عليها وهذا محل إجماع بين علماء المسلمين، ولمعرفة كيف يرتجع الزوج زوجته.
والله أعلم.

الثلاثاء، 2 أبريل 2013



الجمعة، 29 مارس 2013

حكم استقبال القبلة،


ما حكم استقبال القبلة، أو استدبارها حال قضاء الحاجة؟
الجواب: اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:
فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير البنيان، واستدلوا لذلك بحديث أبى أيوب –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا))131 . قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله، وحملوا ذلك على غير البنيان أما في البنيان: فيجوز الاستقبال والاستدبار، لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: ((رقيت يوماً على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة))132 .
وقال بعض العلماء: إنه لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها بكل حال، سواء في البنيان أو غيره، واستدلوا بحديث أبي أيوب المتقدم، وأجابوا عن حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- بأجوبة منها:
أولاً: أن حديث ابن عمر يحمل على ما قبل النهي .
ثانياً: أن النهي يرجح، لأن النهي ناقل عن الأصل، وهو الجواز، والناقل عن الأصل أولى .
ثالثاً: إن حديث أبي أيوب قولٌ، وحديث ابن عمر فعلٌ، والفعل لا يمكن أن يعارض القول، لأن الفعل يحتمل الخصوصية ويحتمل النسيان، ويحتمل عذراً آخر . والقول الراجح عندي في هذه المسألة:
أنه يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء ويجوز الاستدبار في البنيان دون الاستقبال، لأن النهي عن الاستقبال محفوظ ليس فيه تخصيص، والنهي عن الاستدبار مخصوص بالفعل، وأيضاً الاستدبار أهون من الاستقبال ولهذا –والله أعلم- جاء التخفيف فيه فيما إذا كان الإنسان في البنيان، والأفضل أن لا يستدبرها إن أمكن .
***


ذا كان الإنسان في الحمام فكيف يسمي؟
الجواب: إذا كان الإنسان في الحمام فيسمي بقلبه لا بلسانه، لأن وجوب التسمية في الوضوء والغسل ليس بالقوي، حيث قال الإمام أحمد –رحمه الله-: ((لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسمية في الوضوء شيء)) .ولذلك ذهب الموفق صاحب المغني إلى غيره إلى أن التسمية في الوضوء سنة لا واجبة .

حكم الدخول إلى الحمام بأوراق فيها اسم الله


ما حكم الدخول إلى الحمام بأوراق فيها اسم الله؟
الجواب: يجوز الدخول إلى حمام بأوراق فيها اسم الله ما دامت في الجيب ليست ظاهرة، بل هي خفيةً ومستورة .ولا تخلو الأسماء غالباً من ذكر اسم الله –عز وجل- كعبد الله وعبد العزيز وما أشبهها .

حكم الدخول بالمصحف إلى الحما


 ما حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام؟
الجواب: المصحف، أهل العلم يقولون: لا يجوز للإنسان أن يدخل به إلى الحمام، لأن المصحف كما هو معلوم له من الكرامة والتعظيم ما لا يليق أن يدخل به إلى هذا المكان، والله الموفق .

حكم البول قائماً


ما حكم البول قائماً؟
الجواب: البول قائماً يجوز بشرطين:
أحداهما: أن يأمن من التلوث بالبول .
الثاني: أن يأمن من أن ينظر أحد إلى عورته .

حكم قضاء الحاجة


ما حكم قضاء الحاجة (البول) في أماكن الوضوء مما يؤدي إلى كشف عورته؟
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يكشف عورته بحيث يراها من لا يحل له النظر إليها، فإذا كشف الإنسان عورته للحمامات المعدة للوضوء، والتي يشاهدها الناس، فإنه يكون بذلك آثماً، وقد ذكر الفقهاء –رحمهم الله- أنه في هذه الحال يجب على المرء أن يستجمر بدل الاستنجاء . بمعنى أن يقضي حاجته بعيداً عن الناس، وأن يستجمر بالأحجار، أو بالمناديل، ونحوها مما يباح الاستجمار به، حتى ينقي محل الخارج بثلاثة مسحات فأكثر . قالوا: إنما يجب ذلك لأنه لو كشف عورته للاستنجاء، لظهرت للناس، وهذا أمر محرم، وما لا يمكن تلافي المحرم إلا به، فإنه يكون واجباً .
وعلى هذا فنقول في الجواب: لا يجوز للمرء أن يتكشف أمام الناظرين للاستنجاء، بل يحاول أن يكون في مكان لا يراه أحد .

الحكمة في تحريم لبس الذهب على الرجال


ما
الحكمة في تحريم لبس الذهب على الرجال؟
الجواب: إعلم أيها السائل، وليعلم كل من يطلع على هذا الجواب أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن ،هي قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(الأحزاب: من الآية36) فأي واحد يسألنا عن إيجاب شيء أو تحريم شيء دل على حكمه الكتاب والسنة، فإننا نقول: العلة في ذلك قول الله تعالى، أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه العلة كافية لكل مؤمن، ولهذا لما سئلت عائشة –رضي الله عنها- ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قال: ((كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة))129 لأن النص من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم علة موجبة لكل مؤمن، ولكن لا بأس أن يتطلب الإنسان العلة وأن يلتمس الحكمة في أحكام الله تعالى، لأن ذلك يزيده طمأنينة، ولأنه يتبين به سمو الشريعة الإسلامية حيث تقرن الأحكام بعللها، ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر آخر لم ينص عليه، فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاث .
ونقول –بعد ذلك- في الجواب على السؤال: إنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريم لباس الذهب على الذكور دون الإناث ووجه ذلك أن الذهب من أغلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية، والرجل ليس مقصوداً لهذا الأمر، أي ليس إنساناً يتكمل بغيره أو يكمل بغيره، بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة، ولأنه ليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر تتعلق به رغبته، بخلاف المرأة، فإن المرأة ناقصة تحتاج إلى تكميل بجمالها، ولأنها محتاجة إلى التجمل بأغلى أنواع الحلي، حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها، فلهذا أبيح للمرأة أن تتحلى بالذهب دون الرجل، قال الله تعالى في وصف المرأة: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) (الزخرف:18) وبهذا يتبين حكم الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال .
وبهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى هؤلاء الذين ابتلوا من الرجال بالتحلي بالذهب، فإنهم بذلك قد عصوا الله ورسوله وألحقوا أنفسهم بمصاف الإناث، وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فعليهم ،أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا شاءوا أن يتحلوا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك ، وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل ذلك إلى حد السرف .

تطهر النجاسة بغير الماء


هل تطهر النجاسة بغير الماء؟ وهل البخار الذي تغسل به الأكوات مطهر لها؟
الجواب: إزالة النجاسة ليست مما يتعبد به قصداً، أي أنها ليست عبادة مقصودة، وإنما إزالة النجاسة هو التخلي من عين خبيثة نجسة، فبأي شيء أزال النجاسة، وزالت وزال أثرها، فإنه يكون ذلك الشيء مطهراً لها، سواء كان بالماء أو بالبنزين، أو أي مزيل يكون، فمتى زالت عين النجاسة بأي شيء يكون، فإنه يعتبر ذلك تطهيراً لها، حتى إنه على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، لو زالت بالشمس والريح فإنه يطهر المحل، لأنها كما قلت: هي عين نجسة خبيثة، متى وجدت صار المحل متنجساً بها، ومتى زالت عاد المكان إلى أصله، أي إلى طهارته، فكل ما تزول به عين النجاسة وأثرها –إلا أنه يعفى عن اللون المعجوز عنه- فإنه يكون مطهراً لها، وبناء على ذلك نقول: إن البخار الذي تغسل به الأكوات إذا زالت به النجاسة فإنه يكون مطهراً .

ي الطهارة من الحدث والخبث


 ما الأصل في الطهارة من الحدث والخبث؟
الجواب: الأصل في الطهارة من الحدث الماء، ولا طهارة إلا بالماء، سواء كان الماء نقياً، أم متغيراً بشيء طاهر، لأن القول الراجح: أن الماء إذا تغير بشيء طاهر، وهو باقٍ على اسم الماء، أنه لا تزول طهوريته، بل طهور طاهر في نفسه، مطهر لغيره، فإن لم يوجد الماء، أو خيف الضرر باستعماله، فإنه يعدل عنه إلى التيمم، بضرب الأرض بالكفين، ثم مسح الوجه بهما، ومسح بعضهما ببعض . هذا بالنسبة للطهارة من الحدث .
أما الطهارة من الخبث، فإن أي مزيل يزيل ذلك الخبث، من ماء أو غيره تحصل به الطهارة، وذلك لأن الطهارة من الخبث يقصد بها إزالة تلك العين الخبيثة بأي مزيل، فإذا زالت هذه العين الخبيثة بماء أو بنزين أو غيره من السائلات أو الجامدات على وجه تام، فإن هذا يكون تطهيراً لها، لكن لا بد من سبع غسلات إحداهن بالتراب في نجاسة الكلب، وبهذا نعرف الفرق بين ما يحصل به التطهير في باب الخبث، وبين ما يحصل به التطهير في باب الحدث .

الخميس، 28 مارس 2013

الصلاة أثناء الأذان



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فيكفيك أن ترددي مع مؤذن واحد من الحي، فترددي الأذان معه، وتنتهي بانتهائه، والصلاة عقب دخول الوقت مباشرة صحيحة، وغالباً ما يترافق ذلك مع أول الأذان.
والله تعالى أعلم.

حكم تارك الصلاة



حكم تارك الصلاة




ما حكم تارك الصلاة ؟


الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد اتفق العلماء على كفر من ترك الصلاة جحودا لها. واختلفوا فيمن أقر بوجوبها ثم تركها تكاسلا. فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يكفر، وأنه يحبس حتى يصلي. وذهب مالك والشافعي رحمهما الله إلى أنه لا يكفر ولكن يقتل حدا ما لم يصل. والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يكفر ويقتل ردة، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،  وحكى عليه إسحاق الإجماع، كما نقله المنذري في الترغيب والترهيب وغيره، ومن الأدلة على ذلك ما راوه الجماعة إلا البخاري والنسائي عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" وما رواه أحمد من حديث أم أيمن مرفوعا" من ترك الصلاة متعمداً برئت منه ذمة الله ورسوله" وما رواه أصحاب السنن من حديث بريدة بن الحصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" وروى الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة. وقال الإمام محمد بن نصر المروزي سمعت إسحاق يقول: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
وقال الإمام ابن حزم : روينا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ومعاذ بن جبل ، وابن ‏مسعود ، وجماعة من الصحابة ‏‎-‎‏ رضي الله عنهم ‏‎-‎‏ وعن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، ‏وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم ، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة ، والتابعين ‏رضي الله عنهم ، أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها ، فإنه كافر ‏ومرتد ، وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك ، وبه يقول عبد الملك بن حبيب ‏الأندلسي وغيره . انظر ( الفصل (3/274) لابن حزم ، والمحلى (2/326) ونقله الآجري في ‏الشريعة ، وابن عبد البر في التمهيد (4/225). والله أعلم. ‏

حكم الاستماع للقرآن الكريم والأذان يؤذن




سماع القرآن أثناء الأذان
السؤال
ما حكم الاستماع للقرآن الكريم والأذان يؤذن؟
الفتوى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالسنة أن يجاب المؤذن عند الأذان، ويمكن متابعة السماع للقرآن الكريم بعد انتهاء الأذان.
والله تعالى أعلم.



Copyright @ 2013 إسلام .