‏إظهار الرسائل ذات التسميات قرآن. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قرآن. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 24 أبريل 2013

تلاوة القرآن

السبت، 13 أبريل 2013

السلام عليكم

والله غالب على أمره

آية عظيمة ينبغي على المؤمن أن يستحضرها في أوقاته كلها، وشؤونه كافة، وخاصة إبان نزول الشدائد العظام، ووقوع المصائب الكبار، وهي قوله تعالى: {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف:21)، إنها آية مفتاحية تفيد أن مرجع الأمور إلى الله تعالى، ومبدأها من الله سبحانه. 

جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن كيد إخوة يوسف عليه السلام له، فأبطل سبحانه كيدهم، وأرادوا شيئاً، وأراد الله شيئاً آخر، {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} (الأنفال:30).

والذي ينبغي تقريره بداية، أن الضمير (الهاء) في قوله سبحانه: {أمره} يحتمل أن يعود إلى الله -وهو الأرجح- ويحتمل أن يعود إلى يوسف عليه السلام-والسياق يؤيده-، والمراد على كلا الاحتمالين تقريرُ حقيقة كونية، مفادها: أن الأمر كله لله، كما قال سبحانه: {بل لله الأمر جميعا} (الرعد:31)، وقال سبحانه: {إن الأمر كله لله} (آل عمران:154)، فهو سبحانه صاحب الأمر والنهي، {وإليه يرجع الأمر كله} (هود:123)، لا رادَّ لمراده في أرضه وسمائه، ولا دافع لقضائه في ليله ونهاره. 

ثم نقول: إن يوسف عليه السلام أراد له إخوته أمراً، وأراد الله له أمراً، ولما كان الله غالباً على أمره، فقد نفذ أمره سبحانه، أما إخوة يوسف فلا يملكون من الأمر شيئاً، فأفلت من أيديهم، وخرج على ما أرادوا؛ إذ إن {أمر الله} (النحل:1) هو ما قدره سبحانه وأراده، فمن سعى إلى عمل يخالف ما أراده الله، فحاله كحال المنازِع شخصاً في حق يملكه، فيغالبه ذلك الشخص، ويمنعه من تحقيق مراده، وكذلك حال من يريد أن يمنع حصول مراد الله تعالى، فهو مغلوب لا محالة، ولا يكون إلا ما أراده الله تعالى. 

وقد قال أهل الحكمة في هذا الشأن: إن يعقوب عليه السلام أمر يوسف عليه السلام ألا يقص رؤياه على إخوته، فغلب أمر الله، حتى قص رؤياه. وأراد إخوة يوسف قتل أخيهم، فغلب أمر الله، حتى صار ملكاً لمصر، وسجدوا بين يديه. وأراد إخوة يوسف أن يخلو لهم وجه أبيهم، فغلب أمر الله، حتى ضاق عليهم قلب أبيهم، وتذكره بعد غياب سنين، فقال: {يا أسفى على يوسف} (يوسف:84). ودبروا أمرهم بليل على أن يكونوا من بعده قوماً صالحين، أي: تائبين، فغلب أمر الله، حتى نسوا الذنب، وأصروا عليه، ثم أقروا بين يدي يوسف عليه السلام في آخر الأمر، وقالوا لأبيهم: {إنا كنا خاطئين} (يوسف:97). وأرادوا أن يخدعوا أباهم بالبكاء والقميص، فغلب أمر الله، فلم ينخدع، وقال: {بل سولت لكم أنفسكم أمرا} (يوسف:18). واحتال إخوة يوسف في أن تزول محبة أخيهم من قلب أبيهم، فغلب أمر الله، فازدادت محبته في قلبه. ودبرت امرأة العزيز أمراً، فغلب أمر الله، حتى قال العزيز: {واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين} (يوسف:29). ودبر يوسف عليه السلام أن يتخلص من السجن طالباً من الساقي أن يَذْكُرَه عند سيده، فغلب أمر الله، فنسي الساقي، فلبث يوسف{في السجن بضع سنين} (يوسف:42). 

ثم إن الآية خُتمت بقوله سبحانه: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، وهو استدراك على ما يقتضيه هذا الحكم -وهو غالبية الله- من كونه حقيقة ثابتة، شأنها أن تُعْلَم، ولا ينبغي أن تُجهل؛ لأن عليها شواهد من أحوال الليل والنهار، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك مع ظهوره، ولا يدرون حكمته سبحانه في خلقه، وتلطفه لما يريد؛ فلذلك يجري منهم، ويصدر ما يصدر في مغالبة أحكام الله القدرية، وهم أعجز وأضعف من ذلك.

وقد قال الإمام الرازي هنا: "واعلم أن من تأمل في أحوال الدنيا وعجائب أحوالها عرف وتيقن أن الأمر كله لله، وأن قضاء الله غالب".

ولو تتبعنا مسار التاريخ ومسيرة الإنسان لوجدنا أن هذه الحقيقة لا تشذ أبداً، ولا تتخلف مطلقاً، فالله غالب على أمره، لا يقع في ملكه إلا ما يريد. والعباد -بمن فيهم الطواغيت المتجبرون- أضعف من الذباب، {وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه} (الحج:73)! وهم ليسوا بضارين من أحد إلا بإذن الله؛ وليسوا بنافعين أحداً إلا بأمر الله.

وهذه الانتكاسات الحيوانية الجاهلية في حياة البشرية، لن يكتب لها البقاء، ولن يكون إلا ما يريده الله سبحانه من إعزاز دينه، ونصره عباده، {ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} (التوبة:31)، {وإن جندنا لهم الغالبون} (الصافات:173)، فأمره تعالى نافذ، لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب.

على أن الأمر المهم هنا، هو أن هذه الحقيقة حين تستقر في ضمير المؤمن، تطلق تصوره لمشيئة الله وفعله من كل قيد يَرِدُ عليه من مألوف الحس، أو مألوف العقل، أو مألوف الخيال! فقدرة الله وراء كل ما يخطر للبشر على أي حال. والقيود التي تَرِدُ على تصور البشر بحكم تكوينهم المحدود، تجعلهم أسرى لما يألفون في تقدير ما يتوقعون من تغيير وتبديل فيما وراء اللحظة الحاضرة، والواقع المحدود، وهذه الحقيقة تطلق حسهم من هذا الإسار، فيتوقعون من قدرة الله كل شيء بلا حدود، ويكلون لقدرة الله كل شيء بلا قيود.

الجمعة، 5 أبريل 2013

السورةسورةآية
التوبة9122
الأحقاف4629
الأحقاف4630
الأحقاف4631
التوبة9آية122


الخميس، 4 أبريل 2013

سورة البقره كامله بصوت القارئ مشاري العفاسي


قران كريم بصوت جميل جدا


الأحد، 31 مارس 2013

سورة الضحى






تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
1
((وَالضُّحَى))، أي قسماً بالضحى، وهو وقت ارتفاع الشمس في كبد السماء بحيث يعم نورها، والواو في مثل هذه المواضـع استينافية لتمليح الكلام وتوحيد السياق.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
2
((وَاللَّيْلِ))، أي قسماً بالليل ((إِذَا سَجَى))، أي سكن واستقر ظلامه، فان "السجو" بمعنى السكون.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
3
((مَا وَدَّعَكَ)) يا رسول الله ((رَبُّكَ))، أي ما ترى عند الوحي توديعا لك بأن يكون كالمفارق الذي يودع صديقه، ((وَمَا قَلَى))، أي ما قلاك، بمعنى ما أبغضك، فإن القلى بمعنى المبغض. روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أن جبرائيل أبطأ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه كانت أول سورة نزلت (اقرأ بسم ربك الذي خلق)، ثم أبطأ عليه، فقالت خديجة: "لعل ربك قد تركك فلا يرسل اليك؟" فأنزل الله تبارك وتعالى "ما ودعك ربه وما قلى".
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
4
((وَلَلْآخِرَةُ))، "اللام" للتأكيد، ((خَيْرٌ لَّكَ)) يا رسول الله ((مِنَ الْأُولَى))، أي الدنيا، فقد أعد لك الخير هناك، فكيف يتركك ويقلاك في منتصف الطريق؟
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
5
((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ)) يا رسول الله في الآخرة ((رَبُّكَ)) بما تشاء ((فَتَرْضَى)) من كثرة فضله وإحسانه، ومن جملة ما يعطى (صلى الله عليه وآله سلم) الشفاعة - كما لا يخفى.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
6
ثم أخذ السياق يعدد بعض نعم الله سبحانه عليه سابقا يؤكد إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) الآن في وسط الطريق بين نعمة سبقت ونعمة تأتي فكيف يقلاه بعد ذلك؟ ((أَلَمْ يَجِدْكَ)) الله((يَتِيمًا)) قد مات أبوك ((فَآوَى))؟ أي آواك، وأعطاك مأوى ومنزلا وعشيرة تأوي إليهم، في حين أن اليتيم كان ذليلا مهانا لدى أهل الجاهلية؟
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
7
((وَوَجَدَكَ)) يا رسول الله ((ضَالًّا)) قد تفردت في أناس جاهليين كالشيء الثمين الذي يضل في صحراء مقفرة ((فَهَدَى)) الناس إليك؟ فأخرجك به عن الوحشة والتفرد حيث لا يهتدي إليه الناس.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
8
((وَوَجَدَكَ)) الله ((عَائِلًا))، أي فقيرا لا مال لك ((فَأَغْنَى)) أغناك بالمال، كمال خديجة (عليها السلام) وغيره.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
9
وإذ قد ذاق الرسول مرارة اليتم والضلال والفقر، فليحن على البائسين، ويعطف على المنكوبين. ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ))، أي لا تقهره يا رسول الله بأن تزعجه وتظلمه، والرسول وإن كان منزها عن ذلك لكن الأوامر والنواهي شاملة له كشمولها لغيره من سائر المكلفين.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
10
((وَأَمَّا السَّائِلَ)) الذي يسأل المال، وهو الفقير ومن أشبهه ((فَلَا تَنْهَرْ))، أي لا تطرده خائبا، بل أعطه شيئا، أو رده رداً جميلاً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الضحى
11
((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ)) التي أنعمها عليك، والمراد بها جنس النعمة - ومن أعظمها الهداية - ((فَحَدِّثْ)) للناس، حتى تُظهر فضله سبحانه فإنه بالإضافة إلى كونه شكراً، تعليم للناس بأن لا يستروا النعم، كما جرت عادة الكثيرين، بأن يذكروا نواقص حياتهم، ولا يذكرون فواضله سبحانه عليهم.

سورة البينة





تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البينة
1
((لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)) يعني اليهود والنصارى والمجوس، والوصف ليس للتصنيف بل للبيان، فإن كل أهل الكتاب قد كفروا بنسبتهم إلى الله الولد والشريك وتوصيفهم له بما لا يليق بجلال شأنه ((وَ)) من ((الْمُشْرِكِينَ)) الذين أشركوا بالله وعبدوا الأصنام معه ((مُنفَكِّينَ)) أي منتهين عن كفرهم، من "انْفَكّ" بمعنى زال عنه وابتعد ((حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ))أي الحجة الظاهرة، وهو القرآن الكريم والرسول العظيم، إذ لا مجال لهم في عرفان الحقائق بعدما عرفوا كتبهم وبدلوا دينهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البينة
2
ثم بين المراد بالبينة بقوله: ((رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ)) أي من طرفه سبحانه ((يَتْلُو)) ويقرأ عليهم ((صُحُفًا مُّطَهَّرَةً)) في صحائف القرآن الحكيم التي طهرت عن الكفر والشرك ونسبة ما لا يليق إلى الله وأنبيائه، فإن النبي وإن كان يتلوا عن ظهر القلب لكنه كان يقرأ عن اللوح المحفوظ، عكس كتاب العهدين.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البينة
3
((فِيهَا)) أي في تلك الصحف ((كُتُبٌ قَيِّمَةٌ)) "الكتاب" يستعمل بمعنى الموضوع، كما يقال: "كتاب الصلاة، وكتاب الحج،" يراد موضوعهما، ولذ ترى كتاب الصلاة مثلاً في ضمن كتاب "شرائع الإسلام" للمحقق، أو أن الكتاب بمعنى المكتوب وهو في الصحيفة، يعني أن تلك الصحف تشتمل على موضوعات ذات قيمة وثمن أو بمعنى ذات استقامة، فإن "القيمة" بمعنى المستمرة في جهة الصواب.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البينة
4
((وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ)) أي أُعْطُوا الكتاب السماوي ((إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)) أي الحجة الواضحة، والمعنى أن أهل الكتاب إنما اختلفوا في أمر الرسول أو في أمر دينهم السابق بأن صار لكل فئة مذهب وطريقة بعد أن تمت الحجة وعرفوا الصواب، وإنما اختلفوا بغياً وحسداً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البينة
5
((وَ)) الحال أن الله لم يأمرهم إلا بعبادته واتباع طريقته، فإنهم ((مَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ)) وحده في حال كونهم ((مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ))، أي يخلصون الطريقة لله سبحانه بلا زيادة ولا نقصان أو شرك وانحراف في حال كونهم ((حُنَفَاء)) جمع حنيف، أي مائلين عن الأديان الباطلة والطرائق الزائفة، من "حنف" بمعنى مال، ((وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ)) أي يداوموا على إقامة الصلاة، ((وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ))، أي يعطوها، والمراد بها إما مطلق الإعطاء أو الزكاة المفروضة، فقد فرضت الزكاة في الأديان السابقة، ((وَذَلِكَ)) الدين المشتمل على هذه الأمور المذكورة ((دِينُ الْقَيِّمَةِ)) أي دين الكتب القيمة - التي تقدم ذكرها - بمعنى أنه الدين المذكور في تلك الكتب.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البينة
6
((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)) استمروا على كفرهم فلم يؤمنوا بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ((وَ)) من ((الْمُشْرِكِينَ)) بأن استمروا في شركهم يكونون ((فِي نَارِ جَهَنَّمَ)) في الآخرة حال كونهم ((خَالِدِينَ فِيهَا))، أي في النار إلى الأبد، ((أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ))، أي شر الخلق، فإن البرية هي الخليقة، من "برأ" بمعنى خلق وأنشأ.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البينة
7
((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا)) بالله ورسوله واليوم الآخر ((وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)) أي الأعمال الصالحة - الملازم لعدم الإتيان بالأعمال الفاسدة ((أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ))، أي الأفضل من جميع الخلق، وفي مقابلهم من آمن وعصى، فانه ليس بذلك الشر ولا بذلك الخير.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البينة
8
((جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ)) أي المحل الذي أعده للحساب والجزاء، فإنه سبحانه لا مكان له ((جَنَّاتُ عَدْنٍ))، أي بساتين إقامة، من "عدن" بالمكان إذا أقام فيه، ((تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ))، أي من تحت أشجارها وقصورها أنهار من عسل ولبن وماء، ((خَالِدِينَ فِيهَا)) أي في تلك الجنات ((أَبَدًا)) دائماً، لا يزلون عنها، ((رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)) حيث عبدوه وأطاعوه، ((وَرَضُوا عَنْهُ))حيث أكرمهم وتفضل عليهم بالخير والسعادة، ((ذَلِكَ)) الثواب والفضل ((لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ))، أي خافه فلم يعصه، ولم يرتكب ما يخالف أوامره.

سورة القارعة







تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
1
((الْقَارِعَةُ)) هي من أسماء القيامة، لأنها لا تقرع القلوب بالخوف، وتقرع الناس بالعذاب، وتقرع الجبال فتجعلها دكاً دكاً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
2
((مَا الْقَارِعَةُ)) أي ما هي القارعة؟ وذلك لتفخيم شأنها وتعظيم أمرها، و"القارعة" الأولى مبتدأ، و"ما" مبتدأ ثانٍ، و"القارعة" الثانية خبر "ما"، والجملة خبر "قارعة" الأولى.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
3
((وَمَا أَدْرَاكَ)) أيها الإنسان أو أيها الناس ((مَا الْقَارِعَةُ))؟ هذه الجملة لتفخيم شأنها، يعني أنها من الهول بحيث لا تعلمها ولا تدركها إلا بعد أن تراها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
4
((يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ)) وهو الغوغاء من الجراد الذي ينفرش ويركب بعضها فوق بعض، ((الْمَبْثُوثِ)) أي المنتشر، فإن الناس يكونون مثل الفراش في الكثرة والاضطراب والانتشار.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
5
((وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ)) أي كالصوف الملون ((الْمَنفُوشِ)) أي المندوف، فإنها تقلع عن أماكنها، وتُحطم حتى تكون كالصوف ذي الألوان - الخفيف اليسير، وألوانها: لاختلاف الجبال فإنها بيض وحمر وسود وغيرها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
6
((فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ)) أي رجحت حسناته وكثرت، والإتيان بالجمع لأن لكل عمل حسن ميزان، فميزان للصلاة وميزان لبر الوالدين، وهكذا. وهل المراد بالميزان هو المعهود في الدنيا - كما هو الظاهر - أو غيره؟ احتمالان.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
7
((فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ)) أي عيشة ذات رضى يرضاها صاحبها، ونسبة الرضى إليها - مع كون الراضي هو الذي يعيش - مجاز.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
8
((وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ)) بأن قلّت حسناته وكثرت سيئاته.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
9
((فَأُمُّهُ)) أي مأواه ((هَاوِيَةٌ)) أي جهنم، والمعنى أن محله النار، فكما أن الولد يأوى إلى أمه كذلك يأوى العاصي إلى جهنم، وإنما سميت بالهاوية لهوي الشخص فيها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
10
((وَمَا أَدْرَاكَ)) يا رسول الله أو أيها الإنسان ((مَا هِيَهْ))؟ هذا تفخيم لعذاب النار، حتى الرسول أو السامع لا يدرك حقيقتها وتفصيلها لهولها، والهاء للسكت.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة القارعة
11
إنها ((نَارٌ حَامِيَةٌ)) قد بلغت آخر شدتها في الحرارة والالتهاب.


سورة التكاثر







تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة التكاثر
1

((أَلْهَاكُمُ)) أي أشغلكم عن طاعة الله وعبادته - أيها الناس ((التَّكَاثُرُ)) بالأموال والأولاد والأمور المرتبطة بالدنيا والتفاخر بكثرتها، يقال: "تكاثر" إذا تباهى بالكثرة.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة التكاثر
2

((حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ)) أي ذهبتم إلى القبور لزيارتها، فإن هناك ينتبه الإنسان إلى فناء الدنيا وعدم الفائدة في التباهي والتفاخر بكثرة الأمور المرتبطة بها، أو المعنى حتى أدركتم الموت، وكني عن ذلك بزيارة المقابر دلالة على عدم بقاء الإنسان فيها أيضاً، فإنه ينتقل منها إلى دار الآخرة.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة التكاثر
3

((كَلَّا)) ليس الأمر كما أنتم عليه من التكاثر، ((سَوْفَ تَعْلَمُونَ)) عاقبة الاشتغال بالدنيا والغفلة عن الآخرة، وهذا تهديد لهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة التكاثر
4

((ثُمَّ)) لترتب الكلام ((كَلَّا)) ليس الأمر على ما أنتم عليه، ((سَوْفَ تَعْلَمُونَ)). كرر للتركيز والإيحاء بالارتداع عن التكاثر لوخامة عاقبته.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة التكاثر
5

((كَلَّا)) ليس الأمر كما زعمتم، ((لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ)) أي علماً يقينياً بحيث تتيقنون بالآخرة - لا عِلماً استدلالياً فقط، أي لو تعلمون لعلمتم أن التباهي والتكاثر لا ينبغي وإنما الاشتغال بالآخرة هو الأمر اللازم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة التكاثر
6

((لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ)) رؤية القلوب، حتى كأنكم تشاهدونها، فتخافون من الاشتغال عن أمرها بما لا فائدة فيه من التباهي والتفاخر.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة التكاثر
7

((ثُمَّ)) بعد كثرة التفكر في الجحيم ورؤيتها بالقلب، ((لَتَرَوُنَّهَا)) أي الجحيم ((عَيْنَ الْيَقِينِ)) أي اليقين الذي هو كالمعاينة، كما قال أمير المؤمنين: "فهم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون." فأولى المراتب: العلم الاستدلالي، ثم ذوق القلب باليقين الصادق، ثم استيلاء اليقين على القلب حتى كأن الإنسان يشاهد الشيء المعلوم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة التكاثر
8

((ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ)) أيها الناس ((يَوْمَئِذٍ)) يوم زاد يقينكم حتى صار عين اليقين ((عَنِ النَّعِيمِ))، فإن الإنسان إذا زاد يقينه أخذ يبحث في أموره حتى لا يكون فيها حرام أو مشتبه، فيسأل: من أين جاء بهذا المال والولد؟ ومن أين له هذا الجاه والمقام؟ أمِنْ حلٍ أو من حرام؟ وما أشبه ذلك، فهو المسؤول، وكذلك رؤية الجحيم - كما في بعض الأحاديث.

سورة الفيل








1
((أَلَمْ تَرَ)) أي ألم تسمع يا رسول الله أو أيها السامع ((كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ)) من العذاب والنكال ((بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)) الذين جاؤوا به لهدم الكعبة؟
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

2
((أَلَمْ يَجْعَلْ)) الله ((كَيْدَهُمْ)) الذي كادوا لهدم البيت، واحتالوا لإطفاء نور الله ((فِي تَضْلِيلٍ)) أي في تضييعٍ وإبطال، فكان كيدهم عوض أن يهدي إلى مقصدهم وأضلهم وأورث هلاكهم ودمارهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
3
((وَأَرْسَلَ)) الله ((عَلَيْهِمْ طَيْرًا)) يسمى ((أَبَابِيلَ)) وهو الخطاف أو بمعنى جماعات، فإن "ابابيل" في اللغة بمعنى الجماعات في تفرقة أي جماعة في جماعة.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

4
((تَرْمِيهِم)) تلك الأسراب من الطير - فإن المراد بالطير الجنس ((بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ)) أي تقذفهم بأحجار صغار صلبة هي من طين متحجر، وهو معرب "سنككل"، وذلك أشد وأصلب وأوجع إذا أصاب الإنسان.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

5
((فَجَعَلَهُمْ)) أي جعل الله أولئك الأصحاب ((كَعَصْفٍ)) أي كزرع ((مَّأْكُولٍ)) قد أكل ثمرة فبقي خالياً خاوياً، فقد كان الحجر إذا أصاب أحدهم جعله خالياً كأنه تبن بلا حب.

سورة الكافرون



   


تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الكافرون
1
((قُلْ)) يا رسول الله مخاطباً للكافرين ((يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)) النزول وإن كان خاصاً لكن المراد عام لكل كافر معاند لا يتزحزح عن كفره وطغيانه.
  تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الكافرون
2
((لَا أَعْبُدُ)) أنا ((مَا تَعْبُدُونَ)) أنتم من الأصنام والأوثان، والمعنى لا أعبد في الحال ما تعبدونه الآن.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الكافرون
3
((وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ)) أي تعبدون ((مَا أَعْبُدُ)) إذ عاندتم وكابرتم الحق، وهذا إخبار عن الواقع وإن كانوا مأمورين بالعبادة حسب الشرع والعقل.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الكافرون
4
((وَلَا أَنَا عَابِدٌ)) في المستقبل ((مَّا عَبَدتُّمْ)) من الأصنام.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الكافرون
5
((وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ)) في المستقبل ((مَا أَعْبُدُ)) أنا، وحيث أن الجملة الاسمية تدل على الدوام والثبوت فسرنا الآيتين بـ"المستقبل"، بخلاف الجملة الأولى حيث كانت فعلاً وظاهر الفعل "الحال"، وعطفنا عليه الجملة الثانية سياقاً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الكافرون
6
((لَكُمْ دِينُكُمْ)) فالزموه حتى ترون جزاءه السيئ ((وَلِيَ دِينِ)) وهذا إجمال لما فصل أولاً، والأصل "ديني" حذف ياء المتكلم للتخفيف ودلالة الكسرة عليه.
    

سورة المسد



إضافة تسمية توضيحية

((تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)) أي خسرت يداه، وهذا من جهة أن ما ارتكبه من الإثم كان بيديه، كما قال الرسول لعروة "بارك الله في صفقة يمينك." حين كان البيع بيده، و"تب" الثاني تأكيد للأول، أي خسرت يداه وخسرت.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان


((مَا أَغْنَى عَنْه)) أي عن أبي لهبُ ((مَالُهُ)) أي ما نفعه في دفع العذاب عنه ((وَمَا كَسَبَ)) أي ما عمل من الكفر والآثام وإيذاء الرسول، و"ما" موصولة عائدها محذوف، أي ما كسبها.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

((سَيَصْلَى)) في الآخرة، أي يدخل النار ملازما لها ((نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ)) أي اشتعال وتوقد، وكما كان هو "أبا لهب"، باعتبار أن وجنتيه محمرتان كأنهما ملتهبتان من شدة البريق.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

((وَامْرَأَتُهُ)) أي تبت وخسرت امرأته، أعني ((حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)) وسميت بهذا الإسم لأنها كانت تحمل الشوك كما تقدم، ونصب "حمالة" على الذم، كما قال ابن مالك:
واقطع أو اتبـع إن يكن معيــنا      بدونها أو بعضها اقطع معلنا

وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا      مبتدأ أو ناصـباً لن يظـهرا
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

((فِي جِيدِهَا)) أي في جيد امرأته - أم جميل، وكانت أخت "أبي سفيان"، المعروف ((حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ)) هو "الليف"، فقد كانت تعلق الحبل المشدود على الأشواك بعنقها، ويحتمل أن يكون "وامرأته" مبتدأ و "في جيدها" خبره.

الجمعة، 29 مارس 2013

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
1
((الم)) أي من جنس هذه الحروف المقطعة: "ا"، "ل"، "م".
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
2
((ذَلِكَ الْكِتَابُ)) والإشارة بالبعيد، للإشارة إلى كون القرآن سامي عالي المنزلة، ((لاَ رَيْبَ فِيهِ)) أي ليس محلاً للريب وإن ارتاب فيه الكفار، كما أن النهار لا ريب فيه وإن ارتاب فيه السوفسطائيون، و"لا ريب فيه" صفة للكتاب. ((هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)) صفة بعد صفة، أي أن هذا القرآن هداية لمن اتقى وخاف من التردي، فإنه هو الذي يهتدي بالقرآن، وإن كان القرآن صالحاً لأن يهدي الكل.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
3
((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)) صفة للمتقين، والمراد بالإيمان: الاعتقاد به، والغيب هو الذي غاب عن الحواس الظاهرة، أي ما وراء الطبيعة، فالروح غيب، وأحوال القبر غيب، والله سبحانه غيب، وهكذا. ((وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ)) إقامة الصلاة والإتيان بها دائما على الوجه المأمور بها، ولذا تدل على معنى أرفع من معنى "صل". ((وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)) والرزق أعم من المأكول والملبوس والمسكون والعلم والصحة وغيرها. وإنفاق كل شيء بحسبه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
4
((والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ)) من الوحي والقرآن، ((وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ)) فإن من شرائط الإيمان الإيمان بكل الأنبياء (لا نفرق بين أحد من رسله)، ((وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)) واليقين بالآخرة هو الاعتقاد بها، والعمل بمقتضاها، وبعض هذه الأمور - وإن كانت داخلة في "الإيمان بالغيب" لكنها ذكرت لزيادة الاهتمام بها. وذكر الخاص بعد العام.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
5
((أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ)) أي على بصيرة، وهذه البصيرة أتت إليهم من ناحية الله سبحانه، ((وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) الناجون، فهم في الدنيا على بصيرة، وفي الآخرة في زمرة الناجين. ثم أن القرآن لما ذكر المؤمنين ثناهم بذكر الكافرين، ثم ثلثهم بذكر المنافقين، فإن كل دعوة لابد وأن ينقسم الناس أمامها إلى ثلاثة أقسام: "مؤمن بها" و"كافر بها" ومذبذب بين ذلك يجامل الطرفين.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
6
((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ)) والكفر هو الستر، كأن الكافر يستر الحقيقة، ولا يبديها ((سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)) والمراد بـ"الذين كفروا" - هنا - هم المعاندون منهم، لأنهم المصداق الاجلي <الأصلي> للكافر، وإلا فالذين آمنوا بالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - من الناس كانوا كفاراً، ثم آمنوا، ومن المعلوم، أن المعاند يتساوى في حقه الإنذار وعدمه، نعم، يجب إنذاره إتماماً للحجة. وهذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى لا تذهب نفسه عليهم حسرات.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
7
((خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ)) طبعها بالكفر، أي جعلها بحيث يصعب إيمانها، لأنها اعتادت الكفر وعدم الاستماع إلى الحق، وإنما ختم الله لأنها لم تقبل الهداية، كمن يطرد ولده عن داره بعد ما أرشده مرات، فلم يفد فيه النصح، كما قال تعالي: (ختم الله عليها بكفرهم) أي بسبب كفرهم، وإنما فسرنا "الختم" بـ"يصعب" لبداهة أن الإنسان - ولو كان معانداً - لا يخرج عن قابلية القبول والاهتداء ((وَعَلَى سَمْعِهِمْ)) بمعنى أنهم لا يستفيدون من السمع والبصر كالأصم، لأن في سمعهم خلل، ((وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ)) تشبيه للغشاوة المعنوية بالغشاوة الظاهرية، فكما أن من على بصره غشاوة لا يرى المحسوسات، كذلك من يعاند، يكون على بصره مثل الغشاوة، وهو تنزيل لفاقد الوصف منزلة فاقد الأصل، كما تقول لمن لا ينتفع بالعلم: "هو جدار." ((وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ)) في الدنيا والآخرة، فإن من ينحرف عن قوانين الله تعالى يكون له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
8
((وَمِنَ النَّاسِ مَن)) المنافقون، وهم القسم الثالث، فهو ((يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ)) قولا باللفظ فقط، ((وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ)) حقيقة، فلا يعملون أعمال المؤمنين، وإن كانت قلوبهم أيضاً متيقنة بحقائق اللإيمان.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
9
((يُخَادِعُونَ اللّهَ)) أي يفعلون مع الله تعالى فعل المخادع - الذي يريد الخديعة، فيظهر ما لا يريده، ويريد ما لا يظهره. ((وَالَّذِينَ آمَنُوا)) فيرونهم خلاف ما يضمرونه، لكن عملهم هذا ليس خدعة حقيقة لله وللمؤمنين، فإنهما يعلمان نواياهم، فلا ينخدعون بهم، بل ((وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم)) إذ يجري عليهم أحكام المؤمنين ظاهراً، ولا يشتركون معهم في أسرارهم، كما لا يشتركون معهم آخرتهم، فهم مخدوعون من حيث ظنوا أنهم مخادعين ((وَمَا يَشْعُرُونَ)) بأنهم خدعوا أنفسهم، لا أنهم خدعوا الله والمؤمنين، وإذ لو شعروا بأنهم يخدعون أنفسهم لم يقدموا على ما ظنوه خدعة لغيرهم، والحال أنها خدعة لهم حقيقة وواقعاً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
10
((فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ)) فإن قلب المنافق ملتو، ونفسه معوجة، لا تريد الاستقامة ((فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً)) إذ نزول الآيات ونصب الرسول أوجب أن يزيدوا في التوائهم، لئلا يسلط النور عليهم فيعرفوا ((وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ)) أي مؤلم ((بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)) أي بسبب كذبهم بمخالفة ظاهرهم لباطنهم، فإنه نوع من الكذب، وإن كان كلامهم مطابقاً للواقع، لكنهم حيث أخبروا عن إيمانهم ولم يكونوا مؤمنين كان ذلك كذباً.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
11
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ)) أي المنافقين ((لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ)) فإن النفاق يلازم الإفساد، إذ يعمل المنافق ضد الدعوة، ويؤلب عليها، وهو إفساد حينما تريد الإصلاح والتقدم ((قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)) فإنهم يظنون أن الدعوة إفساد، وأنهم بوقوفهم ضدها يصلحون في الأرض.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
12
((أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ)) لأنهم بوقوفهم النفاقي ضد الإسلام يكونون مفسدين إفساداً بالغاً أكثر من إفساد الكفار، ولذا قال تعالى في آية أخرى (هم العدو) على نحو الحصر ((وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)) بذلك، بل (يحسبون أنهم يحسنون صنعا).
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة البقرة
13
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ)) أي المنافقين، والقائل هم جماعة من المؤمنين الذين لا يخافون ((آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ)) إيماناً لا يشوبه نفاق ((قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء)) يعنون بالسفهاء المؤمنين الحقيقيين ((أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء)) وأية سفاهة أعظم من كون الإنسان حائداً عن طريق الحق مع كونه متصفا بصفة النفاق الرذيلة، ((وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)) أنهم هم السفهاء، لأنهم يظنون أن طريقتهم النفاقية أصلح الطرق.

Copyright @ 2013 إسلام .