الشروح | |
قوله : ( باب ) سقط من رواية الأصيلي ، وكذا أكثر الأبواب . وهو منون ، ويجوز فيه الإضافة إلى جملة الحديث ، لكن لم تأت به الرواية . قوله : ( المسلم ) استعمل لفظ الحديث ترجمة من غير تصرف فيه . قوله : ( أبي إياس ) اسمه ناهية بالنون وبين الهاءين ياء أخيرة . وقيل اسمه عبد الرحمن . قوله : ( أبي السفر ) اسمه سعيد بن يحمد كما تقدم ، وإسماعيل مجرور بالفتحة عطفا عليه ، والتقدير كلاهما عن الشعبي . وعبد الله بن عمرو هو ابن العاص صحابي ابن صحابي . قوله : ( المسلم ) قيل الألف واللام فيه للكمال نحو زيد الرجل أي : الكامل في الرجولية . وتعقب بأنه يستلزم أن من اتصف بهذا خاصة كان كاملا . ويجاب بأن المراد بذلك مراعاة باقي الأركان ، قال الخطابي : المراد أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حقوق الله تعالى أداء حقوق المسلمين ، انتهى . وإثبات اسم الشيء على معنى إثبات الكمال له مستفيض في كلامهم ، ويحتمل أن يكون المراد بذلك أن يبين علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده ، كما ذكر مثله في علامة المنافق . ويحتمل أن يكون المراد بذلك الإشارة إلى الحث على حسن معاملة العبد مع ربه لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه ، من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى . ( تنبيه ) : ذكر المسلمين هنا خرج مخرج الغالب ; لأن محافظة المسلم على كف الأذى عن أخيه المسلم أشد تأكيدا ; ولأن الكفار بصدد أن يقاتلوا وإن كان فيهم من يحب الكف عنه . والإتيان بجمع التذكير للتغليب ، فإن المسلمات يدخلن في ذلك . وخص اللسان بالذكر لأنه المعبر عما في النفس ، وهكذا اليد لأن - ص 70 - أكثر الأفعال بها ، والحديث عام بالنسبة إلى اللسان دون اليد ; لأن اللسان يمكنه القول في الماضين والموجودين والحادثين بعد ، بخلاف اليد ، نعم يمكن أن تشارك اللسان في ذلك بالكتابة ، وإن أثرها في ذلك لعظيم . ويستثنى من ذلك شرعا تعاطي الضرب باليد في إقامة الحدود والتعازير على المسلم المستحق لذلك . وفي التعبير باللسان دون القول نكتة ، فيدخل فيه من أخرج لسانه على سبيل الاستهزاء . وفي ذكر اليد دون غيرها من الجوارح نكتة ، فيدخل فيها اليد المعنوية كالاستيلاء على حق الغير بغير حق . ( فائدة ) : فيه من أنواع البديع تجنيس الاشتقاق ، وهو كثير . قوله : ( والمهاجر ) هو معنى الهاجر ، وإن كان لفظ المفاعل يقتضي وقوع فعل من اثنين ; لكنه هنا للواحد كالمسافر . ويحتمل أن يكون على بابه لأن من لازم كونه هاجرا وطنه مثلا أنه مهجور من وطنه ، وهذه الهجرة ضربان : ظاهرة ، وباطنة . فالباطنة ترك ما تدعو إليه النفس الأمارة بالسوء والشيطان ، والظاهرة الفرار بالدين من الفتن . وكأن المهاجرينخوطبوا بذلك لئلا يتكلوا على مجرد التحول من دارهم حتى يمتثلوا أوامر الشرع ونواهيه ، ويحتمل أن يكون ذلك قيل بعد انقطاع الهجرة لما فتحت مكة تطييبا لقلوب من لم يدرك ذلك ، بل حقيقة الهجرة تحصل لمن هجر ما نهى الله عنه ، فاشتملت هاتان الجملتان على جوامع من معاني الحكم والأحكام . ( تنبيه ) : هذا الحديث من أفراد البخاري عن مسلم ، بخلاف جميع ما تقدم من الأحاديث المرفوعة . على أن مسلما أخرج معناه من وجه آخر ، وزاد ابن حبان والحاكم في المستدرك من حديث أنس صحيحا المؤمن من أمنه الناس وكأنه اختصره هنا لتضمنه لمعناه . والله أعلم . قوله : ( وقال أبو معاوية حدثنا داود ) هو ابن أبي هند ، وكذا في رواية ابن عساكر عن عامر وهو الشعبي المذكور في الإسناد الموصول . وأراد بهذا التعليق بيان سماعه له من الصحابي ، والنكتة فيه رواية وهيب بن خالد له عن داود عن الشعبي عن رجل عن عبد الله بن عمرو ، حكاه ابن منده ، فعلى هذا لعل الشعبي بلغه ذلك عن عبد الله ، ثم لقيه فسمعه منه . ونبه بالتعليق الآخر على أن عبد الله الذي أهمل في روايته هو عبد الله بن عمرو الذي بين في رواية رفيقه ، والتعليق عن أبي معاوية وصله إسحاق بن راهويه في مسنده عنه ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريقه ولفظه " سمعت عبد الله بن عمرو يقول : ورب هذه البنية لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : المهاجر من هجر السيئات ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده " فعلم أنه ما أراد إلا أصل الحديث . والمراد بالناس هنا المسلمون كما في الحديث الموصول ، فهم الناس حقيقة عند الإطلاق ; لأن الإطلاق يحمل على الكامل ، ولا كمال في غير المسلمين . ويمكن حمله على عمومه على إرادة شرط وهو إلا بحق ، مع أن إرادة هذا الشرط متعينة على كل حال ، لما قدمته من استثناء إقامة الحدود على المسلم . والله سبحانه وتعالى أعلم . |
|
|
0 التعليقات :
إرسال تعليق